الأربعاء 31 ديسمبر 2025 11:40 صباحاً صدر الصورة، Annette Herfkens
-
- Author, آسيا فوكس ,
- Role, بي بي سي ,
- Author, Edgar Maddicott,
- Role, BBC Lives Less Ordinary
-
قبل 8 دقيقة
كانت أنيت هيرفكينز، خبيرة مالية من هولندا، في عطلة في فيتنام مع خطيبها، عندما تحطمت الطائرة التي كانت تقلهما، وقُتل الجميع إلا هي.
كان ذلك في عام 1992. كانت أنيت هيرفكينز وخطيبها، ويلم فان دير باس، أو باسي، كما تلقبه، في رحلة رومانسية إلى منتجع سياحي في فيتنام
كانت أنيت تعمل خبيرة في المالية في مدريد، وكانت في علاقة طويلة مع باسي، الذي كان زميلا لها في الجامعة منذ 1979.
وفي منتصف طريق الرحلة من مدينة هو شي منه إلى المنتج السياحي نا ترانغ، واجهت الطائرة أحوالا جوية سيئة فاصطدمت بالجبال المحجوبة بالضباب في أدغال قيتنام الكثيفة. كان الاصطدام كارثياً، وقتل فيه 30 من الركاب وطاقم الطائرة، بينهم باسي، خطيب أنيت.
قضت أنيت ثمانية أيام ممددة على الأرض مصابة في الأدغال، وتعاني من ألم مبرح بسبب كسور عديدة، وغير قادرة على المشي، وتبكي فقدان حبيبها.
تحدثت أنيت عن تلك الساعات لبي بي سي، مشيرة إلى أن تلك الأيام علمتها كيف تجد جمال الحياة في أحلك اللحظات.
صدر الصورة، Annette Herfkens
تقول أنيت: "بدأت مواعدة باسي، لأنه تحداني، حيث قال لي: افعلي شيئاُ لا تجرأي على القيام به"، وكان يتعين علي قبول التحدي.
كانا صديقين حميمين، يعيشان في إقامة جامعية واحدة. وبعدها بقليل شرعا في المواعدة، وشعرا بالحب الحقيقي بينهما. وصفت أنيت ذلك بأنها شعرت وكأنها فازت باليانصيب.
كانا معاً منذ 13 عاماً، عندما حجز باسي رحلة رومانسية في فيتنام. كانا يعملان في بلدين مختلفين منذ ستة أشهر، حيث كان باسي يعمل في مصرف في فيتنام، بينما كانت أنيت تعمل كخبيرة مالية في إسبانيا.
بدأت رحلتهما في السابعة صباحا من مدينة هو تشي منه إلى الساحل الفيتنامي.
استيقظت أنيت متذمرة لأنها كانت تريد أن تواصل النوم. وقالت عن ذلك: "عندما رأيت الطائرة، قلت له لن أركب فيها".
كانت طائرة صغيرة، من نوع ياكوفليف ياك 40 سوفياتية الصنع، وكانت أنيت تعاني من رهاب الأماكن الضيقة.
لكن الذهاب بالسيارة لم يكن ممكنا لأن الأدغال كثيفة جداً. وكان باسي يلح عليها، قائلا: "اركبي، من أجلنا".
كان من المفترض أن تكون الرحلة قصيرة ولا تستغرق سوى 55 دقيقة، لكن أنيت كانت منزعجة، وتتذكر أنها كانت تنظر باستمرار إلى ساعة باسي.
تابعت أنيت كل دقيقة تمر في الساعة، واستغنت على ذلك بقراءة قصيدة ألمانية تعلمتها في المدرسة.
وقبل خمس دقائق من الهبوط، هوت الطائرة بحدة، وبدأ الناس يصرخون، وهوت الطائرة. نظرا إلى بعضهما البعض، وأمسك باسي بيدها، ثم ساد الظلام، فقد اصطدمت الطائرة في الأدغال الفيتنامية الكثيفة.
الناجية الوحيدة
صدر الصورة، Annette Herfkens
استيقظت أنيت في الأدغال على أصوات الجراد والقردة. تتذكر ما حدث قائلة: "دفعت شيئاً ثقيلاً من فوقي. كان مقعدا عليه رجل ميت. عندما دفعته سقطت الجثة من على المقعد".
وعلى يسارها كان باسي مربوطا في مقعده، وابتسامته اللطيفة على وجهه، لكنه ميت.
تتذكر أنيت أنها كانت على الأرض في الأدغال تحيط بها النباتات، وشعرت بصدمة كبيرة.
أصيبت بكسور في قدميها، و12 كسراً في الورك، وأصيبت في الرئة، وأصيبت بكسر في الفك.
اصطدمت الطائرة بالجبل، وفقدت جناحاً، ثم اصدمت بجبل آخر قبل أن تنقلب.
لم تكن أنيت مربوطة في كقعدها، وتقول إنها انقلبت ثم وقعت تحت مقعد الشخص الذي كان في الصف المقابل.
فقدت تنورتها وأصيبت بجرح عميق في ساقها. وتقول: "كنت أستطيع أن أرى العظم. وكانت الحشرات قد بدأت تتجمع حوله".
ثم رأت رجلا فيتناميا. كان الرجل لا يزال على قيد الحياة وقادراً على الكلام.
سألته إذا كان يعتقد أن المسعفين سيأتون، فرد عليها نعم، لأنه شخصية مهمة جدا.
وعندما لاحظ أنها لا تشعر بالراحة بسبب ساقيها العاريين، أخرج سروالا من حقيبته الصغيرة وأعطاه لها.
ارتدت أنيت السروال وهي تشعر بألم فظيع. وساعدها السروال في منع الحشرات من الوصول إلى الجرح في ساقها. وفي نهاية اليوم بدأ الرجل يهزل حتى مات.
تقول أنيت: "في البداية كنت أسمع أنين بعض الناس من الألم، لكن بعدما حل الليل على تلك الجبال لم أعد أسمع شيئا. وكنت وحيدة في المكان".
بين المدينة في الأدغال
صدر الصورة، Annette Herfkens
عندما مات الرجل الفيتنامي، شعرت أنيت بالذعر، لكنها تقبلت الواقع تدريجياً. وركزت على الحاضر، متجنبة الأفكار الكارثية، مثل الخوف من هجوم نمر عليها في الأدغال.
تقول أنيت: "كان يتعين علي التركيز على التنفس. لم أتلق أي تدريب على ذلك، وفعلت كل شيء بالغريزة، وساعدني ذلك كثيرا".
وتضيف: "في أول يومين، بقيت قرب جثة الرجل الفيتنامي، حتى لا أشعر بالوحدة، مثل بامبي وأمه. لكن بمرور الوقت أصبح الأمر مقرفا، ثم ابتعدت عن المكان. وبدل النظر إلى الجثة، أخذت أنظر إلى آلاف الأوراق الصغيرة أمامي".
كانت أنيت فتاة من المدينة، تعمل في المالية، وتسافر باستمرار بين نيويورك ولندن.
وفجأة تقول إنها أدركت كم هي جميلة تلك الأدغال، "فكلما أمعنت النظر في الأوراق، وقطرات الماء التي عليها، والنور الذي ينعكس على تلك القطرات، يصبح كل شيء جميلا".
أخذها ذلك الجمال، لكن كان يتعين عليها أن تبقى على قيد الحياة أيضا. فعندما كانت السماء تمطر، كانت أنيت تخرج لسانها لتلتقط قطرات الماء، لكنها لم تكن كافية، وكان يجب عليها أن تجد طريقة أخرى لإيجاد الماء.
زحفت على مرفقيها، وسحبت ساقها المكسورة، وأمسكت بقطعة من إسفنج العزل الذي كان موجودا في الطائرة. كان الألم قويا إلى درجة أنها فقدت وعيها. لكنها تمكنت من صناعة سبعة أوعية صغيرة لكي تشرب منها.
تقول عن ذلك: "كان مذاق الماء مثل أجود أنواع الشامبانيا. كنت في قمة الفخر بما فعلت، وقلت في نفسي: لقد أصبحت مغامرة في الأدغال!"
ثم أدركت قيمة أن تبقى على قيد الحياة في تلك الظروف الصعبة.
"لا تفكري في باسي"
صدر الصورة، Annette Herfkens
قالت أنيت: "كان يتعين علي أن أفصل نفسي عن موت باسي. فكلما فكرت فيه نظرت إلى الخاتم الصغير الذي اشتراه لي بقيمة 10 يورو في ليدن في هولندا. لا يزال في أصبعي المنتفخ من لدغ الحشرات".
وأضافت: "أنا على يقين بأن زواجنا كان سينجح. كنا صديقين حميمين، وكان لطيفا وكريما ووسيما، لكنه لا يتصرف أبدا على أساس أنه يعرف ذلك".
لم تدع أنيت نفسها للتفكير في باسي، لأنها تعرف أن ذلك سيجعلها تبكي، وسيضعفها، ويجلعها لا تبقى على قيد الحياة.
تقول: "لم أجرؤ حتى على البحث عنه في الطائرة. وأصبح شعاري هو: لا تفكري في باسي".
وتضيف: "فكرت في عائلتي. وفكرت في كل الماء الذي يخرج من الصنبور في حماماتهم، وكم هو جميل أن تشرب الماء طوال اليوم".
وتتابع: "كنت على يقين بأنهم يبحثون عني بطريقة ما".
لكنها كانت متعبة للغاية بسبب انعدام الغذاء والألم الناجم عن الجروح التي أصابتها.
تقول: "في اليوم السادس كنت على وشك الموت، لكن بطريقة جميلة وهادئة. كنت أشاهد باستمرار جمال أدغال، وكل تلك الألوان. شعرت بموجة من الحب تتجه نحوي وترفعني إلى الأعلى".
وبعد ذلك، شاهدت رجلا يرتدي حلة برتقالية جاء لإنقاذها، فبدأت تصرخ وعادت إلى الواقع.
لقد انتهت أيامها الثمانية من الصراع من أجل البقاء على قيد الحياة!
بداية جديدة
عندما وصلت أنيت إلى مدينة هو تشي منه، قابلت أمها وإخوة خطيبها. وجاء زميلها جيمي أيضا.
قالت أنيت: "جميع أفراد عائلتي اعتقدوا أنني قتلت في الحادث".
لقد رتبوا لها جنازة مشتركة مع عائلة باسي في ليدن، حيث درسا معا. وكانت الصحيفة قد نشرت نعيهما، فعندما عادت إلى البيت وجدت أكواما من رسائل التعزية.
تقول أنيت: "لقد فقد الجميع الأمل في عودتي، لكن صديقي جيمي لم يفقد الأمل أبدا. لقد رفض تقبل أنني ميتة، وكان يغضب من أي شخص يتحدث عني وكأنني أصبحت جزءا من الماضي".
صدر الصورة، Annette Herfkens
عندما عادت أنيت إلى هولندا، تلقت علاجا لفكها ورئتها. وكان يتعين عيلها أن تبقي في الفراش حتى تتعافى من الكسور.
تقول أنيت: "في هولندا، قال لي الأطباء إنهم كانوا سيلجأون إلى بتر ساقي في هذه المرحلة، ولم يكن بمقدورهم أن يعالجوني كل هذه المدة، لذا فأنا ممتنة للأطباء الفيتناميين".
وكانت جنازة باسي فظيعة. تتذكر أنيت ما حدث قائلة: "أخذوني إلى الكنيسة كما لو أنني في عرس، لكنني تزوجت التابوت! كان التابوت في انتظاري على المذبح، والرجل الذي كان سيحملني".
وكان جميع أصدقاؤها هناك، وجميع من كانوا سيحضرون عرسها.
تقول أنيت: "كلمات جميلة، وموسيقى جميلة، ثم أخذوه إلى المقبرة وأنا خلفه".
حياة جديدة
صدر الصورة، Annette Herfkens
لم يكن بناء حياة جديدة دون شريكها سهلا.
تقول أنيت عن ذلك: "العودة دون نصفي الثاني باسي كانت صادمة. وأنا أكبر، أرى الحياة التي لم يعشها، وكل الأشياء التي لم يتمكن من فعلها. لم ينجب الأطفال الذين كان يرغب في إنجابهم".
في الأشهر التي تلت الحادث، تزوج الكثير من أصدقائها في الجامعة، وهو الأمر الذي لم يساعدها على النسيان.
وفي مرحلة ما، قالت أنيت لنفسها: "لن أتزوج. هذا كل ما في الأمر".
لكن صديقا قال لها إن شخصا واحدا يمكنه أن يأخذ مكان باسي، وهو جيمي، الزميل الذي سافر إلى فيتنام بحثا عنها، والذي كان على يقين أنها لا تزال على قيد الحياة بينما فقد الجميع الأمل.
وانتهى الأمر بزواجهما، وأنجبا طفلين. وعندما شخص الأطباء ابنها بالتوحد، وجدت أنيت فائدة في تجربتها وما تعلمته في الأدغال. ومثلما تقبلت ظروفها بعد تحطم الطائرة، تقبلت تشخيص ابنها.
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير


