اخبار العرب -كندا 24: الاثنين 22 ديسمبر 2025 06:39 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قبالة سواحل غوام، وعلى عمق يزيد عن 90 مترًا تحت سطح المحيط، لا يخترق المياه سوى قدر ضئيل من الضوء. ويبدو المشهد مظلمًا للعين البشرية، حتى في وضح النهار.
يُعرف هذا الجزء من المحيط باسم منطقة الشفق العلوية، وهو أحد أقل النظم البيئية استكشافًا على كوكب الأرض، نظرًا لصعوبة الوصول إليه وخطورته.
لا يمكن الوصول إليه إلا بواسطة الغواصات أو المركبات المتحكم بها عن بُعد، أو الغواصين المدربين. لكن بدأ البشر في فك ألغاز الحياة هنا.
في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، نجحت مجموعة من الغواصين العلميين من أكاديمية كاليفورنيا للعلوم في تنفيذ سلسلة من عمليات الغوص العميقة والخطرة.
تمثّلت مهمتهم في استرجاع أجهزة مراقبة مثبتة في الشعاب المرجانية العميقة في غوام، كانت تجمع بيانات عن الحياة البحرية ودرجات حرارة المحيط لأكثر من 8 سنوات.
عثر الغواصون على رقعة من المحيط تعج بكائنات غريبة ومدهشة، من شعاب مرجانية وديدان متلألئة، إلى رخويات بحرية شوكية وسرطانات مكسوّة بالشعر.
كما وفرت أجهزة المراقبة نظرة فاحصة على تغيّرات درجات الحرارة، ما يشير إلى أنّه قد يكون لتغيّر المناخ أثر حتى في هذه المياه العميقة.
الغوص إلى منطقة الشفق العلوية في المحيط مهمة بالغة الخطورة.
استخدام المعدات المعيارية ليس كافيًا في هذه الأعماق، فيحتاج الغواصون المدربون إلى معدات خاصة تتيح لهم تنفّس مزيج من الهيليوم والهواء.
وكلما ازداد العمق الذي يبلغه الغواصون، ذابت كميات أكبر من الغازات في أجسادهم، ويجب أن تخرج هذه الغازات ببطء شديد لتجنّب مرض "داء الغواص"، حيث تتكوّن فقاعات غازية في مجرى الدم تسبب ألمًا شديدًا وقد تؤدي إلى الوفاة.
الطريقة الوحيدة لتجنّب ذلك هي الصعود ببطء شديد، مع التوقف كل 3 أمتار تقريبًا.
وقال لويز روشا، وهو أحد الغواصين وأمين قسم علم الأسماك في أكاديمية كاليفورنيا للعلوم: "إذا مكثنا 10 دقائق فقط على عمق 500 قدم (152 متر)، فستستغرق رحلة السباحة للسطح 6 ساعات".
هذا يعني أنّهم نادرًا ما يحصلون على أكثر من 30 دقيقة لإنجاز عملهم.
لكن خلال 8 عمليات غوص في نوفمبر/ تشرين الثاني، تمكن روشا والفريق من جمع 13 جهاز مراقبة بأمان.

وأُرسِلت أجهزة المراقبة المسترجعة إلى مختبر الأحياء البحرية بجامعة غوام لمعالجتها.
وهناك، قام العلماء بفرز المواد المتكلسة وتحديد كل عيّنة وتصويرها وجمعها. أمّا ما تبقى، فتم كشطه وإرساله للخضوع لتحليل الحمض النووي.
وبعد أسبوعين من المعالجة، عثر العلماء حتى الآن على ألفي عيّنة، سُجِّلت مئة منها للمرة الأولى في المنطقة، ويُحتمل أنّ تكون 20 منها أنواعًا جديدة مكتشفة حديثًا.
عثر الفريق على نوع محتمل جديد من أسماك الكاردينال، ونوع من السرطانات ذات المخالب البرتقالية لم يُسجَّل من قبل في غوام، ونوع جديد من الرخويات البحرية المزينة باللون بالأصفر والوردي.
إلى جانب هذه الاكتشافات المثيرة، هناك مخاوف أيضًا بشأن مستقبل الشعاب العميقة.
أكثر من نصف الأنواع التي تعيش هنا لا تزال مجهولة، "ومع ذلك فإنّ هذه الشعاب تتأثر بالفعل بالصيد والتلوث وتغيّر المناخ"، وفقًا لما ذكره روشا.
وقد وجدت أبحاث حديثة حول التلوث البلاستيكي في الشعاب المرجانية أنّ كمية الحطام البلاستيكي، ومعظمها قادم من صناعة الصيد، تزداد مع زيادة العمق، وتبلغ ذروتها في منطقة الشفق العلوية.
ويُعد تغيّر المناخ تهديدًا كبيرًا آخر، فبدأ العلماء يلاحظون بالفعل أنّ المياه العميقة قد تتبع اتجاهات الاحترار نفسها التي لوحظت في أماكن أخرى.
وقال روشا: "هذا يتناقض مع الافتراضات التي تقول إنّ هذا العمق سيكون ملاذًا آمنًا ومحميًا من الاحترار".
وتمثّل البعثة إلى غوام بداية عملية تمتد لعامين لجمع ما يبلغ مجموعه 76 جهاز مراقبة من الشعاب في مختلف أنحاء المحيط الهادئ.
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير




