الاثنين 8 ديسمبر 2025 06:04 صباحاً صدر الصورة، MOHAMMED AL-RIFAI/AFP via Getty Images
قبل 3 دقيقة
تتناول هذه الجولة ثلاث مقالات دولية ترصد التحولات العميقة في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، وأزمة روسيا تحت وطأة الحرب في أوكرانيا، وصولاً إلى جدل عالمي حول مكانة الذكاء الاصطناعي وحدود قدرته. معاً، ترسم هذه المواد صورة واسعة لعالم يموج بالتغيير وتتصارع فيه الأفكار والقوى.
نبدأ جولتنا في عرض الصحف بمقال في صحيفة نيويورك تايمز بعنوان "أي حاكم لسوريا إلا الأسد"، للكاتبة السورية لبنى مرعي، والذي يتزامن مع الذكرى الأولى لإسقاط الرئيس السوري الأسبق بشار الأسد.
تبدأ لبنى مرعي المقال، متذكرة إحدى الليالي أثناء زيارة رئيس السلطة الانتقالية أحمد الشرع إلى الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول 2025، إلى مدينة نيويورك، حيث كان وقتها يوجه خطاباً إلى أبناء الجالية السورية.
وتقول مرعي إنه أثناء دخول الشرع إلى إحدى قاعات الفندق هناك، بدأت حشود السوريين بتحيته تحية حارة، وعندما فُتح باب الأسئلة، توقعت أن تسأل الناس عن "مذبحة المدنيين العلويين، أو الهجمات الإسرائيلية على الحدود الجنوبية، أو غيرها من الأحداث التي هزت البلاد منذ الإطاحة ببشار الأسد، الديكتاتور السوري"، كما تصفه.
لكن بدلًا من ذلك "طلب أحدهم من الشرع "إلغاء الانتخابات البرلمانية المقبلة واختيار أعضاء البرلمان بنفسه، لأنه الوحيد الذي يمكن الوثوق به، وأومأ الحضور برؤوسهم".
وهنا تساءلت الكاتبة سؤلاُ لطالما حيرها منذ أشهر " لماذا يعود السوريون إلى أنماط الدكتاتورية التي نزفنا دماءنا كي نهرب منها ؟"
فبشار كما توضح الكاتبة قمع "محاولات معارضة نظامه بالاعتقال الجماعي والقصف الجوي والهجمات الكيميائية وتدمير مدن بأكملها".
وتوضح كاتبة المقال لبنى أنه كان لديها شكوك بشأن مصير سوريا القادم بعد سقوط الأسد، لاسيما وأنها تعرف تاريخ هيئة تحرير الشام، أحد فروع القاعدة، سابقاً.
فبحكم عملها الصحفي، غطت لبنى مرعي مناطق سيطرة الهيئة التي احتجزت المدنيين "وعذبتهم وأعدمتهم. كما أنها أسكتت أناساً فشلت حتى أجهزة أمن الأسد في احتوائهم"، على حد تعبيرها.
وتضيف، قائلة: " بالنسبة لي، كانت هيئة تحرير الشام إحدى القوى التي سحقت في النهاية ما تبقى من انتفاضة عام 2011".
غير أن الشكوك التي كانت ترود كاتبة سرعان ما تبددت الشتاء الماضي، عندما شاهدت هد مقاطع فيديو لعائلات "تتجول في مكاتب مهجورة بحثاً عن آثار أبنائها"، بينما كانت ترى "الدليل الحي على جرائم حرب الأسد يتلألأ في وضح النهار".
وعلقت، قائلة: "من كان السبب في رحيل الأسد - لو كان الشيطان نفسه - يستحق فرصةً بلا شك. أي شخص غير الأسد سيكون أفضل حالاً".
فقد "عاد من ظنّوا أنهم لن يروا سوريا إلا في كوابيسهم، ليجدوا أن الحياة قد مضت بدونهم، وبكوا عند قبور أمهاتهم، والتقوا بأبناء وبنات إخوتهم الذين أصبحوا الآن بالغين. بدا كل شيء منفصلاً عن الواقع لدرجة أن الناس وصفوا تلك الفترة بعبارة أحلام ما بعد الظهيرة".
وتختتم الكاتبة مقالها، قائلة إنه بات من الواضح أن مستقبل سوريا لن يحدده الحاكم، "فعزل الحاكم أمر، والتخلي عن عادات نصف قرن أمر مختلف تماماً"، فهي تري أن الناس في سوريا يمجدون أحمد الشرع، لأنهم لم يعرفوا "سوى الاستبداد لخمسة عقود".
ولذلك فهي ترجع سبب ذلك إلى انتشار مقاطع فيديو على الإنترنت تُظهر واجهات متاجر وزجاج سيارات وبوابات مدارس مغطاة بصور الشرع.
صدر الصورة، Andrew Harnik/Getty Images
كان ينبغي على بوتين قبول صفقة ترامب
ونطالع مقالاً آخر في صحيفة الغارديان البريطانية للكاتب البريطاني ومحرر الشؤون الخارجية السابق في الصحيفة سيمون تيسدال، بعنوان "كان ينبغي على بوتين قبول صفقة ترامب، الآن. انهيار الاقتصاد الروسي قد يؤدي إلى سقوطه".
ويرى سيمون تيسدال أن فلاديمير بوتين يُدمر بلاده بشكل ممنهج، في حربه الاختيارية في أوكرانيا التي "تنذر بكارثة اقتصادية ومالية وجيوسياسية وإنسانية على روسيا، تتفاقم يومًا بعد يوم"، كما أنه ينتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي منحه "طوق نجاة" الأسبوع الماضي، في إشارة إلى محادثات خطة السلام الأمريكية.
ويوضح تيسدال أن اتفاق ترامب للسلام كافأ روسيا على عدوانها "بتسليم مساحات شاسعة من الأراضي الأوكرانية، وهدد استقلال كييف، وأضعف دفاعاتها ضد أي هجوم مستقبلي"، مضيفاً أنه في حال إقرار اتفاق ترامب هذا الاتفاق سينتج عنه انقسام بين الولايات المتحدة وأوروبا، وسيُمزق حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وإعادة إحياء" اقتصاد روسيا المنبوذ".
فبالسبه لكاتب المقال أقنع بوتين ترامب "بأن انتصار روسيا حتمي، وأن الأوروبيين المتآمرين هم مُحرِّضو الحرب الحقيقيون"، وهم ما يراه الكاتب أنه فرضية خاطئة تماماً، لأن بوتين " منذ ما يقرب من أربع سنوات، لا يزال عالقاً في وحل وجليد دونباس، والأمور تنهار داخل وطنه"، وفق تعبيره.
ليس هذا فحسب، بل يرى تيسدال، أن أوكرانيا حددت نقاط ضعف لروسيا، حيث استهدفت مصافي النفط الروسية وخطوط الأنابيب، وأضرمت النيران في ناقلة ثالثة في البحر الأسود الأسبوع الماضي، كما أن كييف تقصف بانتظام منشآت الطاقة في عمق روسيا، "مما يُسبب ذعراً ونقصاً في الوقود".
ومن وجهة نظر تيسدال، فشل بوتين تماما في إخضاع أوكرانيا، وهو الفشل الذي يقيسه الكاتب من خلال أرقام الضحايا الروس التي وصلت إلى أكثر من 280 ألف قتيل أو جريح في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2025، بحسبه.
"دعونا لا نُقدّس الذكاء الاصطناعي"
صدر الصورة، Jonathan Raa/NurPhoto via Getty Images
ونختتم جولتنا في عرض الصحف بمقال للكاتبين أندور كلافان وسبنسر كلافان، بعنوان "دعونا لا نُقدّس الذكاء الاصطناعي، فهذا خطأٌ قديم"
وينتقد الكتابان تقديس كثيرين للذكاء الاصطناعي، التي يصفونها إلى حد "العبادة"، موضحين أنه في كل جيل، تظهر بعض الآلات المتقدمة لتبدو وكأنها نموذج للعقل البشري.
ويبدأن بتفنيد تعريف العقل البشري على مر العصور، فقد كانت الكلمة المكتوبة هي الطليعة في تخزين المعلومات، وقد نقل الفيلسوف اليوناني أفلاطون عن مُعلمه سقراط مقارنة الأخير العقل البشري بلوح كتابة شمعي، وذلك في إحدى محاورات أفلاطون التي تحمل اسم "ثياتيتوس".
أما في عصر المحرك البخاري، فقد بدأ طبيب الأعصاب وعالم النفس النمساوي، سيغموند فرويد، فقد شبه العقل البشري"كغرفة ضغط ديناميكية تعود إليها الطاقة المكبوتة بقوة مُجمّعة".
ولذلك، يرى كاتبا المقال أنه على مدى العقود القليلة الماضية، "أصبحنا نتصور العقل كجهاز حاسوب، مُصمّم لتشغيل أنواع مُعيّنة من البرامج".
ونتيجة لذلك، يرى الكاتبان أندور كلافان وسبنسر كلافان، أنه بتشبيه العقول بالآلات، فإننا "نقع فريسة لوهم أن عقولنا ليست سوى آلات"، ويحذران من أنه في ظلّ هيمنة إمكانيات الذكاء الاصطناعي، يحاول من يظنون أن البرامج قادرة على أن يكون لديها وعي، "أن يُقنعونا بأن الوعي ليس سوى برنامج".
فإذا كان بإمكان الذكاء الاصطناعي إنتاج لغة عبر أنماط خوارزمية، فإن يدل على أن هذا أيضاً ما يفعله البشر ، و" في هذه الحالة، لان تحمل كلماتنا معنىً أعمق من تلك التي يُنتجها الذكاء الاصطناعي، وستصبح جملنا مجرد أنماط تعتقد خاطئين أنها تعبر ذاتنا، بينما في الواقع لا تعبر عن ذاتنا.
وذلك لأن أنماط الذكاء الاصطناعي مدربة على تقليد الأشكال الخارجية فقط لكلام البشري كأصوات الكلمات، لكن لا تستطيع فهم تجاربنا ومشاعرنا الكامنة وراء تلك الكلمات، لأنهم " ليسوا مُصمَّمين حتى لمحاولة فعل ذلك".
وفي نهاية مقالهما، يرسل الكاتبان رسالة، قائلان إننا (البشر)" لسنا آلات على الإطلاق، بل وحدات عضوية ، دماغ وقلب وأحشاء وحواس، تُحركها الروح، وتتعاون مع الخلق في تجارب حياة فريدة ومترابطة".
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير


