
غزة - محمـد الرنتيسي
شتاء ثالث لأهل غزة منذ العدوان الإسرائيلي الجائر، وقد بدت حياة النازحين شبه مستحيلة، بعد أن تحولت أحياء المدن والقرى إلى أنقاض، وأجبر سكانها على اللجوء إلى المساحات المفتوحة والمنبسطة، لكن الخيام متواضعة الجاهزية والإمكانيات التي نصبت لإيوائهم، غرقت مع طلائع الشتاء، لتشهد أوضاعهم الإنسانية والمعيشية تفاقماً، إذ بات الغزيون يعيشون ظروفاً لا تحتمل.
ساكنو الخيام، أصابهم الارتباك، لأنهم وجدوا أنفسهم في ما يشبه أحواض سباحة، بعد أن تسللت مياه الأمطار إلى خيامهم فأغرقتها، ما تسبب بحالة من العبث ألمت بأمتعتهم المتواضعة من فرش وأغطية، إذ بحسب كثيرين منهم، لم تعد هذه الأغطية صالحة للاستعمال.
هذا الواقع المؤسف، دفع بالنازحين للبحث عن حلول تكاد تكون معدومة، مع قلة الإمكانيات، ولم تفلح محاولاتهم تمكين خيامهم أمام الرياح العاتية، أو شق قنوات للمياه، ما يعني استمرار معاناتهم إلى حين.
"الأغطية من أساسيات مواجهة البرد، ووجودها ضرورة ملحة، ونعاني من نقص شديد في المعدات الممكن استعمالها إذا ما فاضت مياه الأمطار إلى داخل الخيام" قال النازح من بلدة بيت حانون حمد الكفارنة، لافتاً إلى الوجه الأكثر بؤساً من المعاناة، ويتمثل في ندرة الملابس الشتوية للنازحين، الذين خرج غالبيتهم من منازلهم بملابس صيفية.
يقول الكفارنة لـ "الشرق": "مع تدني درجات الحرارة، وبدء الأحوال الشتوية العاصفة والماطرة، أصبحنا نحفر في الصخر بحثاً عن ملابس شتوية، وخصوصاً للأطفال، الذين استشهد العديد منهم بفعل البرد القارس".
ولا يعقل والحالة هذه، أن يقضي النازحون شتاء ثالث، في خيام تغمرها الأمطار، وتذروها الرياح، وقد أتلفت مياه الأمطار التي داهمت خيامهم، ما يملكونه من أمتعة متواضعة وفرها لهم مواطنون في المناطق القريبة من مراكز الإيواء، والحديث لا زال للكفارنة.
وعبثاً راح النازح من بلدة بني سهيلا عاصم أبو خاطر يحاول ترميم خيمته المتهالكة، والتي تمزقت مع "أول شتوة" ولم تصمد في وجه الرياح العاتية، وفق قوله، واصفاً الأوضاع في خيام النزوح بالمفزعة مع حلول الشتاء، فالأغطية في "خيام النوم" أصبحت لا تفي بالغرض بعد أن غمرتها المياه، بينما في المناطق المنخفضة، حولت حياة النازحين إلى جحيم.
وأبان بينما كان يتأمل أثاثه الغارق في المياه، أن عدة عائلات نازحة اضطرت للمبيت في العراء، فافترشت الأرض والتحفت السماء، بعد أن عاجلتها مياه الأمطار وتدفقت إلى الخيام، لتغرق كل ما لديها من فرش وأغطية. وليس ببعيد، لم يتردد النازح مهند خشان من بلدة القرارة، في خلع ملابسه كي يلف بها أطفاله، في محاولة للتخفيف من تأثرهم البرد، موضحاً: لا تتوفر أغطية شتوية، وغالبية الأطفال أصيبوا بالأمراض ونزلات البرد.. نحن في وضع كارثي، فلا نستطيع العودة إلى منازلنا، ولا نقدر على مواجهة الأجواء الباردة، نغطي أنفسنا كل أربعة أفراد بغطاء واحد، هذا في حال توفر!.
وحسب المعلومات التي استقتها "الشرق" فأكثر من نصف سكان قطاع غزة باتوا يعيشون في خيام بدائية، ويواجهون غرقاً جماعياً مع حلول الشتاء، الذي يصفه الغزيون بـ"الكابوس المرعب" للنازحين واللاجئين أينما حلوا.
اقرأ المزيد
مساحة إعلانية
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير



