أخبار عاجلة

وقت الشاي.. ما القصة وراء هذا الطقس البريطاني الأصيل؟

اخبار العرب -كندا 24: السبت 27 ديسمبر 2025 04:15 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- مصطلح "وقت الشاي" يعد أحد العبارات الإنجليزية الأصيلة التي تستجدي صورًا لأباريق فضية يتصاعد منها البخار، تعبر حدائق شاسعة وتُقدّم لشخصيات كأنها خرجت مباشرة من المسلسل التلفزيوني البريطاني "داونتون آبي"، وحيث يتبادل الشاربون الأحاديث بأدب خلف طبقات شاهقة من الكعك والشطائر الصغيرة.

لكنّ وقت الشاي لا يقتصر على شطائر الخيار مع الدوقة الكبرى في "داونتون آبي"، والطاولة المعلّقة التي تحمل أباريق الشاي في فيلم "ماري بوبينز". فهذه الممارسة معقدة، ومليئة بالطقوس الدقيقة، ومتعددة الصور، ولها أصول لغوية متطورة. 

أرستقراطية جائعة تثير جنونًا

بدأت القصة في أحد أيام العام 1840، حوالي الساعة الرابعة عصرًا، حينما اشتكت آنا راسل، دوقة بيدفورد، من شعورها بالجوع وفقًا لمتحف بريطانيا. وكان لا يزال أمامها أربع ساعات حتى موعد العشاء، ولم تكن الأرستقراطية الجائعة راغبة بالانتظار، فطلبت من خادمتها أن تضيف بعض الوجبات الخفيفة إلى إبريق الشاي المعتاد لديها.

للأسف، لم توثق ماهية هذه الوجبات بدقة، لكن ربما كانت تتكوّن من القليل من الخبز، والزبدة، والمربى، والبسكويت. وهكذا بدأ طقس شاي بعد الظُهر.

وقد حظي مشروب الشاي بنجاح سريع في إنجلترا أيضًا. عندما أتت كاثرين من براغانزا، البرتغال، في العام 1662، لتولّي منصبها الجديد كملكة لإنجلترا، جلبت معها عادة تناول الشاي يوميًا. 

وحتى ذلك الحين، كان يُؤخذ الشاي في إنجلترا فقط كدواء، لكن بفضل موافقة كاثرين، سرعان ما أصبح شربه صيحة راقية بين الطبقات الثرية. 

الشاي
اعتاد العمال سريعًا على استراحات الشاي.Credit: A. R. Coster/Topical Press Agency/Getty Images

وبعد قرنين من الزمن، رفعت آنا راسل سقف التوقعات لشاي بعد الظهر. مهما كانت الوجبات الخفيفة الأصلية، فقد تم توسيعها بسرعة لتصبح قائمة متنوعة من الوجبات الخفيفة الحلوة والمالحة

كانت الشطائر المقطّعة بعناية محشوة بالطماطم والهليون والروبيان والكافيار أو حتى المحار. أما أنواع الكعك فشملت البذور، والجوز الروسي، و"دندي"، و"الكشمش"، واللفائف السويسرية، والماكرون.

وقت الشاي في بريطانيا
تتكون وجبة شاي بالكريمة من الكعك مع المربى والقشدة المتخثرةCredit: sixcube/iStockphoto/Getty Images

ومن بين هذه المجموعة الشهية، برزت بعض النكهات المفضلة. وكانت أحد الحشوات المفضلة للشطائر هو الخيار، غالبًا ما يقشّر ويُقطّع إلى شرائح رقيقة ويقدّم مع الجبن الكريمي. ورغم أن الخيار لم يكن بالضرورة أكثر الحشوات إثارة، إلا أنه كان رمزًا للمكانة الاجتماعية. فإذا كنت قادرًا على زراعة الخيار، فهذا يعني أنك تستطيع تحمل تكلفة دفيئة زجاجية باهظة الثمن.

نال شاي ما بعد الظهيرة أيضًا الموافقة الملكية من الملكة فيكتوريا. وقد أُعيدت تسمية كعكتها المفضلة، المحشوة بمربى الفراولة وكريمة الزبدة، تكريمًا لها. ولا تزال كعكة  "فيكتوريا الإسفنجية" بين أشهى أطباق شاي ما بعد الظهيرة.

أصبحت كعكات فيكتوريا الإسفنجية خفيفة وهشّة بفضل إضافة مسحوق الخبز أحادي المفعول الجديد، الذي ظهر في العام 1843، على يد الكيميائي وصانع المواد الغذائية ألفريد بيرد. وكان مسحوق الخبز الذي ابتكره بيرد، إلى جانب اختراع آخر أكثر ثورية، ألا وهو القطار البخاري، عاملين أساسيين في انتشار عنصر آخر من ركائز شاي  ما بعد الظهيرة، أي حلوى "السكونز".

بمرور الوقت، أفسح الخبز المجال للـ"السكونز"، وهي كعكات صغيرة طرية تحضّر من دقيق مخمّر ذاتيًا والزبدة والملح والسكر، وتخبز حتى تصبح إسفنجية ثم تقسّم إلى نصفين وتغطّى بكميات وفيرة من المربى والكريمة.

الشاي
لن يمنع يوم مشمس البريطانيين أبدًا من الاستمتاع بفنجان ساخن من الشاي، كما تظهر هؤلاء السيدات في عام 1937.Credit: Hulton Deutsch Collection/Corbis/Getty Images

وقد منحها مسحوق الخبز في القرن التاسع عشر رقة جديدة، كما جلبت السكك الحديدية المصطافين إلى المناظر الطبيعية الرائعة في جنوب غرب إنجلترا، حيث كان السكان المحليون سعداء للغاية ببيع وجبة الشاي بالكريمة للسيّاح.

لم يكن شاي ما بعد الظهر مجرد تجديد للذات، بل كان وسيلةً للاستماع إلى آخر الأحاديث، وتعزيز مكانتك الاجتماعية. وهكذا، كانت القواعد والطقوس تتوالى بوتيرة سريعة.

كان الأمر يتطلب اقتناء أواني شاي خاصة، وإرسال دعوات مكتوبة بعناية. وتصل الضيفات مرتديات أفضل الأثواب المزيّنة بالدانتيل، بينما كان الرجال يحتسون الشاي من أكواب مخصّصة للشوارب كي تبقى جافة. 

وبينما كانت قارة آسيا تمتلك منذ قرون طقوس شاي متجذّرة، كان البريطانيون ينسجون تدريجيًا بروتوكولاتهم الخاصة.

ولم يمضِ وقت طويل حتى خرج شاي بعد الظهر من صالونات الأرستقراطية إلى شوارع لندن العصرية. ويدّعي فندق لانغهام أنه كان أول من قدّم شاي بعد الظهر للعامة في قاعة Palm Court الفاخرة، في العام 1865. 

الشاي
يقال إن وقت تناول الشاي بدأ عندما اشتكت دوقة من شعورها بالجوع بين وجبتي الغداء والعشاءCredit: Heritage Images/Getty Images

ويقول أندرو غرافِت، كبير طهاة المعجنات في فندق لانغهام: "في أيامه الأولى، كان شاي بعد الظهر مناسبة بسيطة، غالبًا ما يقتصر على بضع الشطائر الصغيرة ونوع أواثنين من الحلوى، هدفها مساعدة السيدات على تحمل الانتظار بين وجبتي الغداء والعشاء".

وقد حذت فنادق أخرى حذوه. وبعد افتتاحه في العام 1906، بدأ فندق "ريتز" بتقديم شاي ما بعد الظهيرة في ردهته، حيث كان "يجلس محبو الشاي على كراسي لويس السادس عشر الوردية على طاولات رخامية، يرتشفون أكوابهم الساخنة من شاي دارجيلنغ أو إيرل غراي"، بحسب ما ورد في كتاب "ريتز لندن لشاي ما بعد الظهيرة".

أليس في بلاد العجائب
المشهد الأكثر شهرة لاحتساء الشاي بعد الظهر، هو المأخوذ من كتاب "مغامرات أليس في بلاد العجائب" الذي كتبه لويس كارول العام 1865.Credit: Print Collector/Getty Images

في العام ذاته الذي قدم فيه فندق لانغهام أول حفل شاي ما بعد الظهيرة، كُتبت حفلة الشاي الأشهر في الأدب على الورق. وفي رواية "مغامرات أليس في بلاد العجائب"، يستمتع لويس كارول بشدة بنقد طقوس شاي ما بعد الظهيرة الإنجليزي، محولاً إياه إلى تجربة سريالية لا تنتهي. وقد رسّخ كتابه "وقت الشاي" كرمز للحياة البريطانية، وإن كان ذلك بأسلوب متألق للغاية.

ومع ذلك، كان تعريف "وقت الشاي" بحد ذاته متقلبًا. فبينما تبنت الطبقات المتوسطة بسرعة جلسات شاي ما بعد الظهيرة الخاصة بها، ابتكرت الطبقات العاملة لمستها الخاصة على شاي ما بعد الظهيرة.

وتزامن تزايد القدرة على تحمل تكاليف الشاي مع الثورة الصناعية، التي استحدثت عددًا كبيرًا من الوظائف الجديدة في المصانع وقطاع البناء، خصوصًا بحلول العصر الفيكتوري. 

الشاي
بدأ شاي ما بعد الظهيرة كتقليد سائد لدى الطبقة الراقية. حتى الملكة فيكتوريا (في الصورة على اليمين) انغمست في هذا التقليد، وسميت كعكتها المفضلة، كعكة فيكتوريا الإسفنجية، تيمنًا بها.Credit: Hulton Deutsch Collection/Corbis/Getty Images

وكتبت جيليان بيري في كتابها "مرر السكونز من فضلك": "اعتقد بعض أصحاب المصانع أن تناول مشروب منعش بعد الظهر يمكن أن يزيد الإنتاجية؛ فالمنبهات الموجودة في الشاي، إلى جانب الوجبات الخفيفة السكرية، يمكن أن تمنح عمالهم الطاقة اللازمة لإكمال يوم العمل". 

وفيما اعتبرت الطبقات العليا الشاي وسيلةً للتفاخر، استمتع العمال به حقًا كمشروب طاقة خلال ما أصبح يُعرف بـ"استراحة الشاي".

تراجعت شعبية شاي ما بعد الظهيرة خلال سنوات الحرب العالمية الثانية مع تطبيق نظام الحصص، لكنها استعادت شعبيتها منذ ذلك الحين. 

ولعل الوقت الحالي هو أفضل وقت لتناول الشاي منذ نشأته. يواصل فندقا لانغهام وريتز تقديم شاي ما بعد الظهيرة، وينسحب هذا التقليد على معظم الفنادق المرموقة الأخرى في المملكة المتحدة. 

تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير

السابق ما هي أعراض سرطان عنق الرحم ومن هنّ النساء الأكثر عرضة للإصابة به؟
التالى زفاف أروى جودة في ليلة سادتها البهجة والكثير من الرقص.. الأبرز في أسبوع

 
c 1976-2025 Arab News 24 Int'l - Canada: كافة حقوق الموقع والتصميم محفوظة لـ أخبار العرب-كندا
الآراء المنشورة في هذا الموقع، لا تعبر بالضرورة علي آراء الناشرأو محرري الموقع ولكن تعبر عن رأي كاتبيها
Opinion in this site does not reflect the opinion of the Publisher/ or the Editors, but reflects the opinion of its authors.
This website is Educational and Not for Profit to inform & educate the Arab Community in Canada & USA
This Website conforms to all Canadian Laws
Copyrights infringements: The news published here are feeds from different media, if there is any concern,
please contact us: arabnews AT yahoo.com and we will remove, rectify or address the matter.