اخبار العرب -كندا 24: الجمعة 26 ديسمبر 2025 07:15 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قبل نحو عقد من الزمن، هجم نمر على زوج مالتي موندال،وقتله.. حينما خرج للصيد على قارب صغير عبر غابات المانغروف. ونظرًا لأنهم يعيشون في سونداربانس، وهي أكبر غابة مانغروف في العالم تمتد بين ولاية البنغال الغربية في الهند وجنوب بنغلاديش، تواجه المجتمعات المحلية هذا الخطر بشكل متزايد.
ويعد هذا الموقع المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو متاهة من الممرات المائية المدّية، والسهول الطينية، والجزر، وهو موطن لمجموعة مدهشة من الأنواع المهددة بالانقراض، ضمنًا الدلافين النهرية، وثعبان الأصلة الهندية، ونمر الببر البنغالي.
وبخلاف معظم السنوريات الكبيرة، تعيش هذه النمور نمط حياة شبه برمائي، إذ تسبح لمسافات طويلة لصيد الأسماك والسرطانات. ويقدّر عدد النمور بنحو 125 نمراً في منطقة سونداربانس في بنغلادش، ونحو 88 نمراً في الجانب الهندي. غير أن مزيجاً من تقلّص موائل النمور بسبب إزالة الغابات وتزايد أعداد السكان البشر أدى إلى زيادة الصراع بين البشر والنمور، وفقاً للمدافعين عن البيئة.
ويقول سوراف مالهوترا، قائد مشروع في المنظمة الدولية غير الربحية "Conservation International"، إن هناك تنافساً أكبر على الموارد الغذائية. ويتعرّض الرجال، الذين يتوغّلون عميقاً في الغابة لصيد الأسماك، للهجمات بشكل غير متناسب.
تعد السجلات الرسمية لهذه الحوادث القاتلة نادرة، إذ تشير إحدى التقديرات إلى أن 300 شخص و46 نمرًا قُتلوا في صراعات بين البشر والنمور منذ العام 2000. ومع ذلك، يبقى الدليل الدائم على هذه الوفيات ماثلًا في عدد "أرامل (ضحايا) النمور".
هؤلاء النساء، مثل موندال، يجرى التعامل معهن تقليديًا كمنبوذات، وغالبًا ما يُلامن على وفاة أزواجهن. ويُطلق عليهن اسم "swami khejos"، وهي عبارة بنغالية تعني "آكلات الأزواج"، وهو ما يمنعهن من ممارسة المهن التقليدية مثل الزراعة وصيد الأسماك.

ولا تقتصر وصمة العار على حرمان النساء من سبل العيش فحسب، بل تحرمهن أيضًا من المساعدات الحكومية. فكثير من وفيات هجمات النمور تقع نتيجة دخول غير قانوني إلى الغابة، ما يؤدي إلى حرمان الضحايا من التعويضات المالية، ويترك هؤلاء النساء مع موارد ضئيلة لإعالة أنفسهن وأطفالهن.
وتهدف مبادرة جديدة للحفاظ على البيئة، تستهدف أرامل ضحايا النمور، إلى مساعدة هذه العائلات على إعادة ترسيخ مكانتها داخل المجتمعات، من خلال توفير مصدر دخل لها، مع استعادة البيئة التي يعتمد عليها كل من الأرامل والنمور.
خط الدفاع الأولتركّز الجهود على منطقة جهارخالي في سونداربانس، على طول نهر "ماتلا"، حيث يقود شاهيف علي، الذي يبلغ من العمر 26 عامًا، والمدير الميداني لمؤسسة i-Behind The Ink (IBTI) الاجتماعية التي تنفذ برنامجًا لإعادة توطين الطبيعة.
وقد جمع أرامل ضحايا النمور مع نساء محليات أخريات لاستعادة 100 هكتار من غابات المانغروف. وخلال هذا الأسبوع، يقمن بزراعة أكثر من 100 ألف شتلة عبر 40 هكتارًا من الساحل بين قريتي لاسكاربور وفيفيكاناندا بالي.
ويقول علي إن هذه القرى معرّضة حاليًا لارتفاع منسوب البحار واندفاع العواصف، ولا يحميها سوى حاجز ترابي واحد. ويضيف: "إذا انهار هذا الحاجز، يمكن أن تُدمّر القرية بأكملها..".
وزرعت النساء شتلات المانغروف المحلية، ورعتها خلال الأشهر الستة الماضية، أمام الحاجز الترابي، ما يساعد على استعادة الغابة الكثيفة التي أُزيلت سابقًا، وذلك إفساحًا بالمجال للزراعة والصيد، ما يوفّر خط دفاع إضافي ضد الأعاصير العنيفة التي أصبحت أشد وأكثر تكرارًا مع تغيّر المناخ.
كما ستعمل الغابة كحاجز في وجه ازدياد ملوحة المياه الناتجة عن الفيضانات، الأمر الذي يُهدد صحة أشجار المانغروف، ويدمّر التربة والمحاصيل، ويعطّل تجمعات الأسماك.
وتتمثل الفكرة في أنه مع مرور الوقت ستتعافى أعداد الأسماك، ما يوفّر غذاءً أكثر للبشر والنمور على حد سواء، ويؤدي في النهاية إلى تقليل الصراع بين الإنسان والنمور.

وتعد موندال واحدة من سبع أرامل ضحايا نمور يشاركن حاليًا في المشروع، من أصل إجمالي 59 امرأة. ومن المقرر أن تنضم عشرون أرملة أخرى إلى المبادرة في وقت لاحق من هذا الشهر، ويقول علي إن لديه اهتمامًا من ما لا يقل عن 75 امرأة إضافية.
وأوضح أن ّ التحديث يتمثّل بأنّ النساء موزعات في أنحاء المنطقة، وخيارات السفر الآمن محدودة، فضلًا عن أن بناء الثقة معهن يستغرق وقتًا.
وتتلقى النساء أجرًا قدره 300 روبية (3.30 دولارات) يوميًا مقابل هذا العمل، وهو مبلغ قد لا يبدو كبيرًا، لكنه "يُحدث تغييرًا حقيقيًا"، بحسب ما قاله علي، موضحا أنه "يصنع الفارق بين تجاهل المرض والحصول على العلاج، وبين تخطي الوجبات وإطعام أطفالهن بشكلٍ مناسب".
وعبر منطقة السونداربانس، على الجانبين البنغلاديشي والهندي، جرت جهود مماثلة لاستعادة غابات المانغروف من خلال برامج سبل العيش، في إطار مبادرات أخرى استهدفت أرامل ضحايا النمور.
استعادة الغابات والأرواح
وتشكل استعادة المانغروف جزءًا من مبادرة "من الجبال إلى المانغروف" الأوسع التابعة لمنظمة "Conservation International"، والتي تمتد من جبال الهيمالايا إلى السونداربانس، وتهدف إلى حماية واستعادة مليون هكتار من الغابات عبر هذه المنطقة.
ويقول مالهوترا إن هذه المنطقة تضم واحدة من أعلى الكثافات السكانية البشرية بين أي بقعة ساخنة للتنوع البيولوجي على وجه الأرض، وتواجه تحديات هائلة من تغيّر المناخ وإزالة الغابات.
وتعد مساحة المئة هكتار من استعادة المانغروف في السونداربانس نسبة ضئيلة من الهدف الإجمالي، لكن مالهوترا يأمل في أن يتوسع المشروع ويوفر نموذجًا يُحتذى به للاستعادة في المنطقة الأوسع.
وخلص إلى أنّ "الهدف النهائي يتمثّل بإعادة النظم البيئية للمانغروف، لأنها الطريقة الأكثر شمولية لبناء القدرة على الصمود في مواجهة جميع تحديات تغيّر المناخ"، مضيفًا أنّ القدرة على تحقيق ذلك مع توفير فرص دخل لنساء تعطّلت حياتهنّ بسبب هجمات النمور تُعد ميزة كبيرة.
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير




