اخبار العرب -كندا 24: الأربعاء 24 ديسمبر 2025 06:27 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- قبل وقت قصير من حادثة إطلاق النار الجماعي التي أودت بحياة 15 شخصًا وأصابت عشرات الآخرين خلال احتفال بعيد "حانوكا" على شاطئ بوندي بأستراليا، حاول اثنان من المارّة المسنّين نزع سلاح أحد المهاجمين.
في مقطع فيديو وثّقته كاميرا إحدى السيارات، ظهر بوريس غورمان وهو يصارع أحد المهاجمين فيما ركضت صوفيا غورمان نحوهما.
قُتل الزوجان، لكن لم يمنع ذلك آخرين من محاولة إيقاف المسلحين.
توفي روفين موريسون، الجد البالغ من العمر 62 عامًا، وهو يرمي الطوب على أحد المسلحين. كما أُصيب أحمد الأحمد، وهو أب لطفلين، بطلق ناري، لكنه تمكن من انتزاع سلاح أحد المهاجمين.
شاهد ملايين الأشخاص مقاطع الفيديو التي تُظهر شجاعة الأفراد أثناء مهاجتمهم للمسلحين على شاطئ بوندي، وقد يُعطي ذلك انطباعًا بأنّ هذا السلوك البطولي شائع، كما قال عالم السياسة في جامعة نبراسكا-لينكولن ومؤلف كتاب "فك رموز البطولة"، الدكتور آري كوهين.
لكن هذا الانطباع خاطئ، فعندما يكون آخرون في خطر، عادةً ما يصبح الأشخاص متفرّجين فحسب، وفقًا له.
لكن قد يتقاسم المتفرجين الذين يصبحون أبطالًا بعض الصفات أو يجدون أنفسهم في ظروف تدفعهم إلى التدخل.
ويحتمل أن يكون تدريب الأشخاص على ذلك ممكنًا.
لم يُفصح سوى عدد قليل من الناجين أو عائلات الأشخاص الذين قُتلوا على شاطئ بوندي عن السبب الذي دفعهم إلى التدخل، لكن كرّر أولئك الذين تحدثوا عن أفعالهم عبارات مألوفة جاءت من أشخاصٍ عرّضوا أنفسهم للخطر.
وأوضح المدير التنفيذي لمشروع "Heroic Imagination"، الذي يجري أبحاثًا وتدريبات متعلقة بالبطولة، مات لانغدون: "إنّها الردود ذاتها التي نحصل عليها من الأبطال في جميع أنحاء العالم. إنّها عبارات مثل: لقد فعلتُ ما كان عليّ فعله أو ما سيفعله أي شخص. وهو أمر تعلم أنّه غير صحيح".
لماذا لا يستجيب الأشخاص؟تتبادر إلى الذهن جريمة قتل شهيرة وقعت في العام 1964، عند التفكير في سبب عدم تدخل الأشخاص لمساعدة الآخرين خلال المواقف الصعبة.
بعد طعن كيتي جينوفيز البالغة من العمر 28 عامًا حتى الموت خارج شقتها في نيويورك بأمريكا، اعتُقِد أنّه كان هناك عشرات الأشخاص الذين كان بإمكانهم المساعدة، لكن امتنعوا عن ذلك.
أدت مشاعر اللامبالاة المزعومة للشهود إلى تصاعد الاهتمام بالقصة بشكلٍ كبير.
كما كانت القضية دافعًا لما يُعرف الآن بـ"تأثير المتفرج"، فاعتقد علماء النفس أنّه عند وجود عدد أكبر من الناس، يشعر كل فرد بمسؤولية شخصية أقل للتدخل لأنّهم يفترضون أنّ شخصًا آخر سيتصرف.
لكن تم دحض العديد من التفاصيل التي لفتت الانتباه إلى قصة جينوفيز، فأظهرت الأبحاث أنّها طُعنت مرتين.
وبعد الطعنة الأولى، صرخ أحدهم من النافذة، ما أخاف المهاجم وأبعده، واتصل الجيران بالشرطة.
كما وقع الحادث في منتصف الليل، وقال بعض الشهود إنّهم لم يكونوا متأكدين ممّا رأوه ولم يفهموا بالضرورة أنّ جينوفيز كانت في خطر.
لم يتم دحض "تأثير المتفرج" بالكامل، لكن يعتقد الخبراء أنّه أكثر تعقيدًا.
قد تكون المجموعات الكبيرة أبطأ في الاستجابة بقليل، لكن يمكن لبعض الأفراد التدخل في حالات الطوارئ الحقيقية، حتى لو كان ذلك يتعارض مع غرائزهم الطبيعية.
رغبة عميقة في الحفاظ على الذاتقد يهمك أيضاً
تعود ندرة الأبطال جزئيًا إلى حقيقة أنّ الاستجابة تتطلب توفر الظروف المثالية في دماغك، بحسب ما ذكره أستاذ الفلسفة في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا الذي يستخدم علم الأعصاب لفهم أنظمة القيم في الدماغ بشكلٍ أفضل، الدكتور ستيفن كوارتز.
لدى البشر رغبة ملحة بالحفاظ على الذات.
وأوضح كوارتز أنّه عادةً ما يكون للأشخاص استجابة تلقائية تتمثل بالتجمد أو الهروب عند مواجهة "الفوضى المميتة"، خصوصًا عندما يبدو الوضع خارجًا عن السيطرة.
إذا كان شخص ما سيحاول إنقاذ طفل يغرق أو شخص سقط على سكة قطار مثلاً، فيجب أن تتوفر بعض العناصر الأساسية حتى يتغلب الدماغ على رد فعله المعتاد تجاه الخطر.
وتشمل تلك العناصر التالية وفقًا لكوارتز:
- الوعي بأنّ شيئًا ما قد حدث والتعاطف مع من يخوضه
- الشعور بأنّ استجابتهم قد تُفيد الشخص
- التمتع بـ"التزام سريع" لنقل الدماغ من حالة التجنب التلقائي إلى الفعل
يرى كوارتز أنّه ليس من الضروري أن يعمل الاشخاص في مهنةٍ "بطولية" للاستجابة لهذه الإشارات السياقية المعقدة، فالأمر يتطلب التعاطف إلى حدٍ كبير.
عادةً، يبذل الأشخاص الذين يمتلكون مقدارًا أكبر من التعاطف جهدًا لحماية المقربين منهم، مثل صديق، أو فرد من العائلة، أو حتى شخص يتضامنون معه.
للوهلة الأولى، قد يبدو أنّ الذين كانوا على شاطئ بوندي لم يتمتعوا بالكثير من القواسم المشتركة.
وكان آل غورمان مهاجرين من أوكرانيا، بينما كان الأحمد مسلمًا من أصول سورية. أمّا موريسون، فكان يهوديًا أرثوذكسيًا فرّ من الاتحاد السوفيتي. لكن شاطئ بوندي معروف بأنه مكان آمن لتجمع المجتمعات المتنوعة.
كيف يُصنع الأبطال؟أفاد كوهين أنّ الاهتمام الذي يحظى به الأبطال عبر وسائل التواصل الاجتماعي قد يكون غير متناسب مع عددهم الفعلي، لكن رؤية هذه القصص قد تُساهم في ظهور المزيد منهم.
تُظهر الأبحاث أنّ وجود نماذج يُحتذى بها أو أمثلة للسلوك البطولي قد يشجع الأشخاص على اتخاذ خطوات بطولية مماثلة.
حتى مشاهدة الأفلام أو قراءة الكتب المتمحورة حول الأبطال في الحياة اليومية، أو الأبطال الخياليين، قد تتمتع بأثر.
وأكّد كوهين: "إن بناء التعاطف عبر الاختلافات الثقافية أصعب بكثير، لكن هناك العديد من الطرق البسيطة لتحقيق ذلك، ضمنًا قراءة الأدبيات التي تُتيح لك فهم وجهة نظر الآخرين ومعرفة الدوافع وراء خياراتهم. إنها طريقة رائعة لبناء التعاطف".
قد يهمك أيضاً
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير



