اخبار العرب -كندا 24: الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 06:51 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- "هذه غزلان الرّنّة الخاصة بسانتا، لكننا محظوظون لأن سانتا لا يحتاج إليها سوى يوم واحد في العام، لذا يمكننا أن نُحلّق بها 364 يومًا".
قال يوها كوجالا هذه العبارة مرات عديدة على مرّ السنين. وحتى أمام فريق CNN.
لكن في الآونة الأخيرة، يحدق خطر غير مألوف بقطيع غزلان الرّنّة الذي يرعاه كوجالا بنفسه. فعلى نحو شبه يومي، بات يُعثر على جثث غزلان الرّنّة نافقة. ويوجّه كوجالا اللوم إلى مشتبه به غير متوقع، أي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي كانت لحربه في أوكرانيا تداعيات بعيدة المدى.
ترعى عائلة كوجالا غزلان الرنّة في بلدة كوسامو الواقعة شمال فنلندا، منذ أكثر من 400 عام. وفي الآونة الأخيرة، فتح أيضًا أراضيه أمام جموع السياح الذين يأتون من جميع أنحاء العالم بحثًا عن تجربة احتفالية فريدة من نوعها.
وتسوّق لابلاند، أقصى مناطق فنلندا شمالا، على أنها "الموطن الرسمي لسانتا كلوز"، وتعتبر مئات آلاف غزلان الرّنّة التي تجوب هذه المنطقة عامل جذب كبير للأطفال والبالغين على حد سواء.
قد يهمك أيضاً
بعدما أعاد كوجالا تسمية مزرعته لتصبح "The World of Reindeer" (عالم غزلان الرّنّة)، بات يستفيد من ازدهار السياحة. إذ يقدّم أنشطة مثل دروس يوغا الرّنّة، وجولات خلابة على عربات تجرّها الرّنّة عبر الغابات المغطاة بالثلوج. ويبيع سجق الرنّة على الفطور، وجلود الرنّة على هيئة سجّاد، وقرون الرّنّة، ولحم الرّنّة المعلّب كتذكارات.
ويتحفّظ كوجالا الإفصاح عن عدد غزلان الرنّة التي يملكها، وهذا موضوع من غير اللائق التحدّث فيه مع أي شخص سوى أقرب أفراد العائلة. لكنه عدد كبير. وهي تتجول بحرّية في هذه المناطق الريفية بين النباتات الأرضية المغطاة بالصقيع.
وبالنسبة للزوار، تجسّد غزلان الرّنّة روح عيد الميلاد. أمّا بالنسبة لكوجالا ورعاة الرّنّة الآخرين، فهي مسألة بقاء.
"إنها تُقتل فقط"ويقول كوجالا: "هذا العام هو الأسوأ على الإطلاق في هذه المنطقة"، بينما ينحني قرب جثة لغزالة رّنّة نافقة على الثلج، قتلها ذئب قبل أيام قليلة فقط. وقد انتُزع لسانه بواسطة المفترس المذنب، وعُثر في موقع الجريمة على آثار أقدام مميِّزة.
ومنذ ذلك الحين، أكملت الثعالب والغربان التهام ما تبقّى من اللحم.
ويعد فقدان إناث الرّنّة، كما في هذه الحالة، مؤلمًا جدًا لكوجالا. إذ يستغرق الأمر نحو عامين حتى تصل غزالة الرّنّة إلى النضج الجنسي، وعادةً ما تُنجب كل أنثى عجلًا واحدًا فقط في السنة.
وتقدّر وزارة الزراعة والغابات الفنلندية أن مالك أنثى رّنّة في أوج خصوبتها يتكبّد خسارة قدرها 1,572 يورو (1,835 دولارًا) عند قتلها. وفوق ذلك، يقول الرعاة إنهم باتوا يقضون جزءًا كبيرًا من وقتهم في التقدّم بطلبات تعويض عن خسائرهم من الحكومة الفنلندية، التي يشكون من أنها غير كافية لتغطية تكاليفهم.
ويقول كوجالا: "الأمر محزن حقًا"، مضيفًا أنّ "التوازن غير صحيح. أعداد الذئاب كبيرة إلى حد أنها تهدد النظام بأكمله هنا..’إنها تَقتُل فقط‘".
ويتابع: "إذا لم نفعل شيئًا، فستختفي غزلان الرّنّة من مناطق بأكملها في غضون بضع سنوات. وهذا محزن، لأن تربية الرنّة هي أقدم نشاط في فنلندا كلها".
وتؤكد بيانات صادرة عن معهد الموارد الطبيعية في فنلندا، وهو منظمة بحثية تعمل تحت إشراف وزارة الزراعة والغابات، حدوث زيادة كبيرة ومفاجئة في أعداد الذئاب بفنلندا خلال السنوات القليلة الماضية، من نحو 295 ذئبًا في ربيع العام 2024 إلى حوالي 430 هذا العام، وهو أعلى عدد يُسجَّل منذ عقود.
وتشير جمعية رعاة الرنّة في فنلندا، إلى أن حوالي 1,950 من غزلان الرّنّة قُتلت على يد الذئاب هذا العام وحده، بزيادة تقارب 70% مقارنة بالعام الماضي.
في حين ارتفعت أعداد الذئاب بأنحاء أوروبا، فإن التفسير الأكثر شيوعًا بفنلندا للعدد القياسي لهجمات الذئاب في مناطق تربية الرّنّة الشمالية يكمن على بعد مئات الأميال، أي في خنادق روسيا العميقة في أوكرانيا.
"لم يبق أحد" ليصيد الذئابوتنصّ النظرية على أنّ الرّنّة الفنلندية تُقتل بأعداد كبيرة على يد ذئاب روسية تعبر الحدود التي تزيد على1287 كيلومترًا بين البلدين.
أما سبب عبور الذئاب في هذه المناطق الحدودية الروسية إلى فنلندا فيعد موضوع نقاش علمي مستمر. وقد وثّقت بعض وسائل الإعلام الروسية تأثير صناعة قطع الأشجار على مواطن الحياة البرية في هذا الجزء من البلاد.
وتشير نظرية أكثر شيوعاً بين العلماء الفنلنديين ورعاة الرّنّة على حد سواء إلى أوكرانيا، إذ يقولون إنّ عدد الذئاب التي يتم صيدها في روسيا قد انخفض الآن، بسبب التجنيد الجماعي والتعبئة الجزئية للرجال الأصحاء، من بينهم الصيادين، للمشاركة في الحرب الروسية بأوكرانيا.
وهذا قد يؤدي إلى زيادة أعداد الحيوانات المفترسة مثل الدببة، والوشق، والذئاب، التي تفترس جميعها غزلان الرّنّة بكثرة.
ويقول كوجالا، مشيرًا نحو الحدود الروسية على بعد 40 كيلومترًا فقط من أرضه: "الأمر يزداد سوءًا بعد حرب أوكرانيا.. الذئاب تأتي من الجانب الروسي. الآن هم يصطادون الناس في أوكرانيا، لم يبق أحد ليصطاد الذئاب".
نظرية واقعيةويتوافق هذا السرد الذي يحمّل روسيا مسؤولية مشاكل البلاد مع الشعور العام المعادي لروسيا بين الفنلنديين، الذين كانوا يستعدون لعقدة نزاع محتمل مع جيرانهم لعقود من الزمن.
وقد قام معهد الموارد الطبيعية في فنلندا بتحليل آلاف عينات الذئاب، المأخوذة من البراز أو البول، من مختلف أنحاء البلاد على مدى العقد الماضي، ولاحظ أخيرًا زيادة حادة في عدد الذئاب التي تحمل علامات وراثية لم يسبق رصدها في فنلندا. وقد خلص علماء المعهد إلى أن هذه الحيوانات يرجّح أن تكون قد جاءت عبر الحدود الروسية.
ونظرًا لنظام حفظ السجلات الروسي غير الشفاف، فإنها نظرية لا يمكن إثباتها بعد. لكن من الواضح أن عدد الرجال المتاحين للصيد قد انخفض.
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير





