الغذاء والدواء الأمريكية توافق على مضادين حيويين جديدين لعلاج السيلان منذ عقود

اخبار العرب -كندا 24: الجمعة 19 ديسمبر 2025 02:15 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- للمرة الأولى منذ عقود، توافق إدارة الغذاء والدواء الأميركية على مضادين حيويين جديدين لمكافحة السيلان. وتأتي هذه الموافقة في لحظة حرجة، إذ بات علاج هذا المرض المنقول جنسيًا أصعب فيما يواصل عدد الحالات المسجلة على مستوى البلاد بالارتفاع.

أعلنت إدارة الغذاء والدواء الجمعة، أنّها وافقت على دواء زوليفلوداسين، الذي يُباع تحت اسم نوزولفنس، كعلاج فموي بجرعة واحدة على شكل حبيبات تذوب في الماء. للسيلان في الجهاز البولي التناسلي، بدءًا من عمر 12 عامًا وما فوق، على ألّا يقلّ وزنهم عن 35 كيلوغرامًا. 

وكانت الشراكة العالمية لأبحاث وتطوير المضادات الحيوية، وهي منظمة غير ربحية، تعاونت مع شركة إنوفيفا ثيرابيوتيكس المتخصصة لتطوير هذا الدواء.

كما أعلنت شركة غلاكسو سميث كلاين، الخميس، أنّ إدارة الغذاء والدواء وافقت على دوائها جيبوتيداسين، الذي يُسوَّق باسم بلوجيبا، على شكل أقراص فموية لعلاج السيلان البولي التناسلي لدى الأشخاص البالغين من العمر 12 عامًا وما فوق، ولا يقل وزنهم عن 45 كيلوغرامًا، والذين لديهم خيارات علاجية بديلة محدودة أو معدومة. 

وفي مارس/آذار، جرت الموافقة على الدواء ذاته لعلاج التهابات المسالك البولية لدى النساء.

وأفاد آدم شيروات، مدير مكتب الأمراض المعدية في مركز تقييم الأدوية والأبحاث التابع لإدارة الغذاء والدواء، في بيان صحفي صدر الجمعة، أنّ "هذه الموافقات تُشكّل محطة مهمة في توسيع خيارات العلاج للمرضى المصابين بالسيلان البولي التناسلي غير المعقّد".

وتتراجع خيارات العلاج الفعّال للسيلان بسرعة في السنوات الأخيرة، إذ طوّرت البكتيريا المسبّبة للعدوى، نيسيريا غونوريا، مقاومةً لكثير من الأدوية المستخدمة على نطاق واسع لعلاجها، ما جعل عددًا كبيرًا من المضادات الحيوية التي كانت تُعد خيارًا أوليًا في السابق، عديمة الفاعلية تقريبًا.

وأفاد كبير المسؤولين العلميين في شركة غلاكسو سميث كلاين، الدكتور توني وود، في بيان صحفي: "نفخر بتقديم أول فئة جديدة من المضادات الحيوية لعلاج السيلان منذ أكثر من ثلاثة عقود، إضافة إلى خيار فموي جديد للمرضى في الولايات المتحدة. إن قدرة نيسيريا غونوريا على تطوير مقاومة للعلاجات المتاحة حاليًا، ضمنًا العلاج القياسي، تجعل من الضروري توسيع نطاق العلاجات الفموية الفعّالة".

يشمل العلاج القياسي الحالي حقنة من المضاد الحيوي سيفترياكسون، ما يعني أنّ المرضى يحتاجون إلى التوجه إلى عيادة أو مكتب طبي لتلقي العلاج.

بالنسبة للدكتورة مانيكا بالاسيغارام، المديرة التنفيذية للشراكة العالمية لأبحاث وتطوير المضادات الحيوية،  إنّ الدواءين اللذين جرت الموافقة عليهما حديثًا يُؤخذان عبر الفم، ما يعفي المريض من تلقي وخز الإبر أو زيارة العيادة، ويجعل علاج السيلان أكثر سهولة وملاءمة.

وأضافت بالاسيغارام: "يتميّز زوليفلوداسين أيضًا بكونه علاجًا بجرعة واحدة، وهذا يمنحه أفضلية كبيرة، إذ يمكن إعطاء هذا العلاج في بيئات رعاية صحية مختلفة، من دون الحاجة إلى توافر جميع التجهيزات اللازمة لإعطاء دواء عبر الحقن".

وتابعت بالاسيغارام: "عندما نواجه مقاومة دوائية ناشئة، يصبح من الضروري البحث في خيارات متعددة، لهذا من المهم جدًا وضع هذه العلاجات الجديدة حيّز الاستخدام"، مضيفة "أنّها أدوية مطلوبة على وجه السرعة لمرض بات يخرج عن السيطرة ويزداد صعوبة في علاجه".

تشتد الحاجة إلى علاجات أسهل وأكثر إتاحة، خصوصًا في الولايات المتحدة. أصبحت حالات السيلان وغيره من الأمراض المنقولة جنسيًا أكثر شيوعًا، إذ قفز عدد الحالات المُبلّغ عنها لثلاثة أمراض هي الكلاميديا والسيلان والزهري، بنسبة 90% في 2023، مقارنة بنحو عقدين سابقين في 2004، وفق بيانات أصدرتها المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها العام الماضي. وفي العام 2023، وحده، سُجّل أكثر من 2.4 مليون إصابة بالأمراض المنقولة جنسيًا.

يؤدي السيلان، في حال عدم علاجه، إلى مشاكل صحية خطيرة. وفي حالات نادرة، يمكن أن ينتشر إلى مجرى الدم أو المفاصل. 

لدى النساء، قد يُسبب السيلان غير المعالج عدوى في الأعضاء التناسلية تُعرف باسم مرض التهاب الحوض، ما يرفع خطر مضاعفات الحمل والعقم. 

وفي حالات نادرة لدى الرجال، قد يؤدي السيلان أيضًا إلى العقم كأثر طويل الأمد. 

ولا يوجد لقاح مُرخّص للوقاية من عدوى السيلان.

تتفاقم التحديات لأنّ علاج العدوى أصبح أكثر صعوبة. تواصل البكتيريا التفوّق على كثير من المضادات الحيوية التي اعتمد عليها الأطباء لسنوات طويلة.

في بعض الحالات، تطوّر البكتيريا مقاومةً للمضادات الميكروبية نتيجة الإفراط غير الضروري في استخدام المضادات الحيوية أو سوء استخدامها عندما لا يُكمل المرضى دورة العلاج. 

وقال الدكتور ديفيد ألتاراك، كبير المسؤولين الطبيين لدى شركة إنوفيفا ثيرابيوتيكس، لـCNN: "لقد أدت المقاومة المتصاعدة تدريجيًا إلى تآكل فعالية العلاجات الحالية، تاركة الأطباء بخيارات محدودة جدًا. إن عاملًا فمويًا جديدًا مثل زوليفلوداسين يمتلك القدرة على تعزيز ترسانة العلاج بشكل ملموس، ودعم ترشيد استخدام المضادات الميكروبية، والمساعدة على إبطاء انتشار مرض لا يزال يشكل مصدر قلق كبير للصحة العامة عالميًا".

يُقلّل هذا الاستخدام المحدود خطر الإفراط في وصف الدواء لعلاج أنواع أخرى من العدوى، ما يحدّ من احتمال تعرّف البكتيريا إليه وتطوير مقاومة ضده.

وأوضحت بالاسيغارام: "جعلنا ذلك جزءًا من الاستراتيجية منذ البداية".

وأضافت أنّ "البكتيريا ذكية، ويمكنها نقل آليات المقاومة فيما بينها. ومهم فعلًا ظهور علاجين جديدين لهذا المرض، في وقت لم نشهد فيه علاجات جديدة منذ فترة طويلة". 

ولفتت إلى أن أكثر من 80 مليون إصابة تُسجّل سنويًا على مستوى العالم، بالتوازي مع تصاعد مقاومة الأدوية. لذلك برأيها "هذا التطور توقيته بالغ الأهمية".

عملت بالاسيغارام على تجربة واسعة، نُشرت نتائجها في مجلة ذا لانسيت، الخميس، وأظهرت أن جرعة فموية واحدة من زوليفلوداسين كانت فعاليتها موازية تقريبًا للعلاج القياسي الحالي، الذي يجمع بين حقنة سيفترياكسون وجرعة فموية من المضاد الحيوي أزيثروميسين. كما أظهرت الطريقتان نتائج مماثلة لجهة السلامة.

شملت الدراسة أكثر من 900 مريض بالسيلان، بعمر 12 عامًا وما فوق، تلقوا العلاج في عيادات ببلجيكا وهولندا وجنوب أفريقيا وتايلاند والولايات المتحدة.

بعد العلاج، تعافى حوالي 90.9% من المرضى الذين أعطوا زوليفلوداسين، مقارنة بنحو 96.2% من الذين تلقوا العلاج القياسي.

كانت الآثار الجانبية في المجموعتين خفيفة في الغالب أو متوسطة، ولم تُسجَّل أي أحداث سلبية خطيرة. ووجد الباحثون أن أكثر الآثار الجانبية المتعلقة بالعلاج شيوعًا في مجموعة زوليفلوداسين كانت الصداع أو بعض التغيرات في عدد كريات الدم البيضاء. أما في مجموعة العلاج القياسي، فكانت الأكثر شيوعًا هي الألم في موضع الحقن، والإسهال، وتغيرات مماثلة في عدد كريات الدم البيضاء.

وقال ألتاراك: "تشير البيانات مجتمعة إلى أن زوليفلوداسين يقدم فعالية تقارن بالعلاجات الموجودة حاليًا، مع ملف أمان إيجابي ومتوقع، والفائدة الإضافية المحتملة لعلاج فموي بجرعة واحدة قد يوسع إمكانية الوصول ويسهّل الاستخدام".

أظهرت دراسة منفصلة، نُشرت في مجلة ذا لانسيت، بأبريل/نيسان، أن دواء جيبوتيداسين كان فعّالًا تقريبًا مثل العلاج القياسي الحالي، دون ظهور أي مخاوف جديدة تتعلق بالسلامة.

أُجريت التجربة بين 2019 و2023، وشملت أكثر من 600 شخص بعمر 12 عامًا فأكثر تم تشخيص إصابتهم بالسيلان في الجهاز البولي التناسلي في ست دول: أستراليا وألمانيا والمكسيك وإسبانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

تلقى حوالي نصف المشاركين جرعتين فمويتين من دواء جيبوتيداسين بفاصل 10 إلى 12 ساعة تقريبًا، بينما تلقى الآخرون العلاج القياسي المتمثل في سيفترياكسون وأزيثروميسين.

بعد العلاج، تعافى حوالي 92.6% من الذين تناولوا جيبوتيداسين، مقارنة بنحو 91.2% من الذين تلقوا العلاج القياسي الحالي.

سجّلت مجموعة جيبوتيداسين معدلات أعلى من الأحداث الجانبية والأحداث الجانبية المتعلقة بالدواء، وكان السبب الرئيسي مشاكل في الجهاز الهضمي، لكن معظمها كان خفيفًا أو متوسطًا، ولم تُسجَّل أي أحداث جانبية شديدة أو خطيرة.