اخبار العرب -كندا 24: السبت 6 ديسمبر 2025 06:51 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- بعد سنوات من إرشاد السيّاح في مختلف المناطق الكمبودية، لدى ناو سوك إجابة واضحة عندما يُسأل عن الوجهة التي لم تُعطَ حقّها وقُلّل من شأنها: أودونغ.
تبعد نحو 35 كيلومترًا عن بنوم بنه، وكانت عاصمة كمبوديا الرسمية من العام 1618، ولغاية منتصف خمسينيات القرن التاسع عشر.
يعود اسم أودونغ إلى الكلمة السنسكريتية "uttunga" التي تعني غالبًا "عالٍ"، "مرتفع" أو "سامٍ". وعلى الخرائط الرسمية تُعرف باسم "بنوم أودونغ"، أي "تل أودونغ" أو "جبل أودونغ".
رغم أنّ مركز السلطة في البلاد انتقل منذ أكثر من 150 عامًا، إلا أنّ أودونغ لا تزال تحتفظ بأهمية كبيرة للعائلة الملكية الكمبودية. فهي مجمّع تلالي يضم العديد من ستوبات (قبة فوق قاعدة مربعة او مستديرة ذات رمز ديني وفكري وروحي في البوذية) بوذية مزخرفة، بالإضافة إلى آثار ونُصُب وتوابيت مقدسة. ويحتوي المجمّع على 16 ستوبًا تضم رفات ملوك كمبوديا.
وللوصول إلى القمة على المرء تسلق أكثر من 500 درجة، لكن الصعود مليء بالألوان. ترفرف الأعلام البوذية بين الأشجار، ويترك السكان المحليون عروضًا من الفاكهة والزهور، ويتنقل الرهبان بأردية برتقالية بين حقول الأرز القريبة في طريقهم إلى المعابد.
وخلال أوج ازدهارها، كانت أودونغ تُعرف باسم "مدينة الألف دير".
على قمة التل الذي يبلغ ارتفاعه 93 مترًا تقريبًا، نشهد على أروع هذه المعالم، معبد يبدو كأنه مبني من الدانتيل، مزخرف بنقوش متقنة ولونه فضي لامع. تزيّنه نقوش للفيلة التي ترمز إلى القوة وطول العمر. وفي الداخل، يوجد تمثال بوذا ذهبي رائع.
بالقرب منه، توجد باحة حجرية تحمل عمودًا طويلًا بارزًا عليه أربعة وجوه لبوذا، وجه لكل اتجاه من الاتجاهات الأربعة. وعند رؤيتها من مسافة بعيدة، تبرز الوجوه من خلف الأشجار الطويلة، ما يمنح المكان شعورًا غامضًا وساحرًا، لا سيما في الأيام الضبابية.

حوّل السكان المحليون في بنوم بنه أودونغ، التي تُكتب أحيانًا أودونغ أو أوندونغ، إلى رحلة نهارية شائعة، لكنها لا تزال غير معروفة إلى حد كبير بين السيّاح الدوليين.
ويقول سوك، الذي يعمل لدى شركة السياحة MyProGuide، إنّ العديد من المسافرين يمرّون بسرعة عبر بنوم بنه في طريقهم إلى أنغكور وات، مجمّع المعابد الهندوسية-البوذية الذي يُعدّ المعلم السياحي الأبرز في كمبوديا، أو إلى دولة جنوب شرق آسيوية أخرى مثل فيتنام.
ونقل الملك نورودوم العاصمة من أودونغ إلى بنوم بنه عندما أصبحت كمبوديا محمية فرنسية. وفي القرن العشرين، تركت الحرب الأهلية، المرتبطة بحرب فيتنام، أجزاء كبيرة من البلاد في حالة خراب، وقد تعافت بعض المناطق منذ ذلك الحين أفضل من غيرها.
وبالتالي، لم تكشف تلة أودونغ بعد عن كل كنوزها.
وبخلاف أنغكور وات، الذي قد يستغرق استكشافه أيامًا، يمكن زيارة أودونغ في بضع ساعات. وللزوار الذين يقومون بهذه الرحلة، يساعد المكان على الربط بين عالم أنغكور القديم وصخب بنوم بنه المعاصر، ما يملأ فجوة تاريخية مهمة. وبخلاف أنغكور، لا يزال موقع أودونغ حيًا، حيث تُبنى هياكل جديدة باستمرار.
قد يهمك أيضاً
وقال غريغوري ميكائيليان من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي: "الخصوصية في المواقع بعد عصر أنغكور تكمن في أنّه لم يبقَ منها تقريبًا شيء. فقد كانت لدينا عواصم تحتوي على قصور، كانت بالتأكيد مهمة جدًا، لكن كل شيء كان مبنيًا من الخشب".
كشف الرادار تحت الأرض عن المزيد من الهياكل في التل ومحيطه، لكن أعمال الترميم تسير ببطء وعلى نحو غير منتظم. وقد رشّحت كمبوديا أودونغ للجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو في العام 2020، لكنها لم تُدرج على القائمة.
قد يهمك أيضاً
وقال ميكائيليان: "اعتبر أنّ الأمر يشمل التل بالإضافة إلى الأديرة عند سفح التل، وهي آثار القصور القديمة في أودونغ، إضافةً إلى قلعة لونغفيك. من المهم أن نفهم أنّ ما يمكن رؤيته ليس مكانًا واحدًا، بل مواقع عدة صغيرة في أماكن مختلفة".
ويعتقد ميكائيليان أنّ ذلك قد يتغير في السنوات المقبلة، حيث استثمرت حكومة كمبوديا بكثافة في بنية تحتية للسياحة، تهدف إلى زيادة عدد المواقع المدرجة على قائمة اليونسكو.
وفي وقت سابق من هذا العام، افتُتح مطار جديد ضخم في بنوم بنه لخدمة العاصمة. ويُعدّ المشروع الذي بلغت كلفته 2 مليار دولار، جزءًا من خطة طموحة متعددة السنوات لجذب المزيد من السياح الدوليين إلى مناطق كمبوديا الجنوبية الأقل زيارة.
ما يجب معرفته عند الزيارة
فماذا تتضمن رحلة إلى أودونغ؟
يُوصي مرشد السياح ناو سوك بزيارة المكان إما في الصباح الباكر أو في المساء، ليس فقط لتجنب حرارة كمبوديا الشديدة الشهيرة، ذلك أنّ البدء في الصباح الباكر يستحق العناء لمشاهدة شروق الشمس فوق المجمّع.
وقال: "عندما أتحدث عن أودونغ، لا أقصد فقط القصر الملكي والتل، بل المنظر العام".
كما يوصي بأن يجعل الزوار اليوم كاملاً للاستمتاع بالتجربة، من خلال زيارة مركز فيباسانا البوذي الكمبودي القريب، الذي يوفّر تجارب التأمل للسياح، ثم التوقف عند سوق أودونغ وزيارة بيت ضيافة محلي أو مطعم للتعرّف على حياة الكمبوديين اليومية .
وسيكتشف الزوار الذين سبق وزاروا أنغكور وات أنّ أودونغ مختلفة بشكل ملحوظ. فلا توجد متاجر أو أكشاك تذكارات أو ماكينات بيع، والدخول مجاني، لكن لا توجد لافتات أو خرائط، وخدمة الهاتف الخلوي محدودة.
توفر شركة السياحة Asia Desk سيارات مكيفة ومرشدين يتحدثون الإنجليزية، إضافةً إلى توافر المياه والوجبات الخفيفة، إذ قد يكون من الصعب إيجادها في أودونغ.
للدخول إلى المعابد أو مركز التأمل، على الزوار تغطية الكتفين والركبتين، حتى لو كانت درجات الحرارة مرتفعة.
تتردد الكاتبة البريطانية ماريسا كارذرز، التي تقيم في بنوم بنه منذ العام 2012، بانتظام على أودونغ وتأخذ أصدقاءها إلى هناك عند زيارتهم من الخارج.
تشير إلى موقع أصغر غالبًا ما يُغفل بين الباغودات المزخرفة: نصب تذكاري لضحايا نظام الخمير الحمر، النظام الذي قتل ما لا يقل عن 1.7 مليون كمبودي في أواخر السبعينيات.
ورغم أنّه يثير شعورًا مختلفًا عن بقية المعالم، تعتقد أنّ "زيارته واجبة احترامًا للماضي المظلم لكمبوديا"، مضيفة أنّ "رحلة إلى أودونغ تقدّم لمحة حقيقية عن تاريخ كمبوديا بعيدًا عن حشود السيّاح، وفرصة للتفاعل مع السكان المحليين، وبعض الصور الرائعة لمواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بك".
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير




