اخبار العرب -كندا 24: الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 09:03 صباحاً بين الصعود والتذبذب والمفاجأة: قراءة في استعدادات مضيفي «مونديال 2026»
بعد إسدال الستار على «كأس العالم 2022»، ومع تحوّل أنظار أميركا الشمالية إلى «نسخة 2026»، بدت ملامح ترتيب واضح نسبياً بين الدول الثلاث المضيفة: كندا، والمكسيك، والولايات المتحدة، وذلك وفقاً لشبكة «The Athletic».
فريق واحد فقط بلغ الأدوار الإقصائية في قطر، وهو المنتخب الأميركي، الذي واصل لاحقاً فرض هيمنته القارية بإحرازه لقب دوري أمم «الكونكاكاف» مرتين متتاليتين. في بدايات دورة كأس العالم الحالية، كان الأميركيون في صعود لافت، مقابل تراجع مكسيكي، وغموض يلف مسار كندا. ولو طُلب خلال عام 2023 اختيار منتخب قادر على تحقيق إنجاز على أرضه، لكان الخيار شبه محسوم: المنتخب الأميركي.
لكن مع مرور الوقت، بدأ هذا الترتيب في التقلّب؛ استعادت المكسيك توازنها، فيما توقّف الزخم الأميركي قبل أن يتراجع، وتعرّضت المنتخبات الثلاثة لتغييرات على مستوى الأجهزة الفنية بين إقالات وتعيينات. كندا بلغت أبعد مدى في «كوبا أميركا 2024»، لكنها، على عكس منافسيها، لم تحرز أي لقب. وجميعها تناوب على صدارة تصنيف المنطقة وفق نظام «إيلو».
ومع اقتراب عام 2026، ودخول العدّ التنازلي لانطلاق كأس العالم بعد نحو 6 أشهر، بات سؤال الجاهزية؛ أي منتخب مضيف هو الأفضل استعداداً؟ دون إجابة واضحة.
وبالنسبة إلى المنتخب الأميركي، كانت الطريقُ الطويلة منخفضة الضغط نحو كأس العالم أشبهَ بالأفعوانية، وانطلقت بموجة تفاؤل غير مسبوقة. فبعد التفوق الواضح على المكسيك في نهائي دوري أمم «الكونكاكاف 2023»، قال المدرب العائد حديثاً آنذاك غريغ برهالتر: «إذا واصلنا التطور بالطريقة التي نسير بها، وإذا واصل هذا الجيل التقدّم كما نتوقع، فالسماء هي الحد».
بعد عام واحد فقط، تلقّى المنتخب خسارة قاسية أمام كولومبيا بنتيجة 5 - 1، وخرج مبكراً من «كوبا أميركا». أُقيل برهالتر، وجاء الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو حاملاً أملاً جديداً، قبل أن تتبدد الأجواء سريعاً بين تشاؤم وشكوك... ثم عادت المعنويات لتتأرجح مجدداً نحو التفاؤل.
عاد ذلك التفاؤل بحذر مع فوز الولايات المتحدة في مباريات ودية على اليابان وأستراليا وباراغواي خلال الخريف، وتعادلها مع الإكوادور. ثم جاء الانتصار اللافت لمنتخب رديف، مهما رفض بوكيتينو هذا الوصف، على أوروغواي بنتيجة 5 - 1. وبعد أسابيع قليلة، أوقعت القرعة المنتخب الأميركي في مجموعة مونديالية «قابلة للعبور»، لتعود الأحلام، ويستحضر بوكيتينو والجماهير الأميركية معاً «معجزة الجليد» الشهيرة، وتبنّى بوكيتينو واللاعبون شعاراً لافتاً: «كن واقعياً... وحقّق المستحيل».
وقال لاعب الوسط تايلور آدامز في وقت سابق من هذا الشهر إن المعيار الواقعي هو «أبعد مرحلة بلغها منتخب أميركي»، أي نصف النهائي أو النهائي.
منطقياً، لا يزال هذا الهدف يبدو بعيد المنال. فالمباريات الودية التي أعادت الأمل لم تكن سوى اختبارات عابرة، والتشكيلة المتوقعة ليوم 12 يونيو (حزيران) 2026 لم تلعب كثيراً معاً تحت قيادة بوكيتينو بسبب الإصابات والغيابات. وعلى مستوى الأسماء، لا تزال الولايات المتحدة دون عمالقة كرة القدم العالمية... لكنها تمتلك عناصر لم يكونوا متوفرين في «2022»، أبرزها مهاجم صريح هو فولارين بالوغون، إضافة إلى عمق أكبر في التشكيلة. ويبدو أن خطة بوكيتينو لإعادة إشعال التنافس داخل المجموعة نجحت. وقال المدرب في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي: «حين حدّدنا المشكلات، بدأنا بهدم ما يجب هدمه، ثم بناء الفريق من الأساس».
مع دخول عام 2026، يبدو البناء متيناً. ويبقى السؤال: هل يستطيع بوكيتينو إضافة طابق جديد يقود المنتخب الأميركي إلى مرحلة غير مسبوقة؟ على أقل تقدير، يبدو سقفه الآن أعلى من سقف المكسيك وكندا.
وستكون هذه ثالث مرة تستضيف فيها المكسيك كأس العالم، ومن المتوقع أن تترك مدنها الثلاث: مكسيكو سيتي وغوادالاخارا ومونتيري انطباعاً رائعاً لدى العالم. لكن التراث والثقافة وحدهما لا يقودان إلى نصف النهائي.
المنتخب المكسيكي الحالي يعاني تذبذباً واضحاً في المستوى؛ فقد أحرز دوري أمم «الكونكاكاف» في مارس (آذار) 2025، ثم توّج بـ«الكأس الذهبية» صيفاً، متجاوزاً كندا في نصف النهائي. بدا آنذاك أن المدرب المخضرم خافيير أغيري أعاد الصلابة والهوية للفريق.
غير أن الواقع سرعان ما تبدّل؛ خسارتان ثقيلتان؛ أمام سويسرا (4 - 2) في يونيو، وكولومبيا (4 - 0) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، كشفتا عن هشاشة المشروع. وأمام خصمين من مستوى مونديالي، تفوّق المنافسون تكتيكياً وبدنياً؛ مما أثار قلقاً واسعاً بين الجماهير.
حتى الآن، لم يستقر أغيري على تشكيلة أساسية واضحة، رغم أن مفاجآت التشكيل تبدو محدودة عند انطلاق البطولة في 11 يونيو المقبل أمام جنوب أفريقيا. وسيضم الفريق بعض الوجوه الجديدة، مثل الموهبة الشابة غيلبيرتو مورا (17 عاماً)، ولاعب الوسط مارسيل رويز، فيما يتنافس سانتياغو خيمينيز، وخيرمان بيرترامي، مع المخضرم راوول خيمينيز على مركز المهاجم.
لكن بخلاف ذلك، تبدو التشكيلة قريبة من «منتخب 2022» الذي ودّع البطولة من الدور الأول. وتعتمد المكسيك على الخبرة، وهي نقطة قوتها وربما ضعفها في آن معاً.
في المباريات الودية الأخيرة، أظهر المنتخب تنافسية دون فاعلية هجومية. وعلى الورق، تبدو مجموعة المكسيك في متناول اليد، لكن الخوف من تعثّر على أرضه يظل حاضراً. وفي المقابل، يبقى الأمل معلقاً على الحماس الجماهيري في مكسيكو سيتي وغوادالاخارا.
من بين الدول الثلاث، تبدو المكسيك الأكبر تعرضاً للضغط؛ مما قد يقود إلى إخفاق جديد، أو إلى إنجاز غير مسبوق.
وتختلف الضغوط والتوقعات في كندا عمّا هما عليه في الولايات المتحدة والمكسيك. فالاتحاد واللاعبون يأملون أن يغيّر هذا المونديال المشهد الرياضي في البلاد بشكل جذري.
تسيطر لعبة هوكي الجليد تاريخياً على الثقافة الرياضية الكندية، لكن كرة القدم هي اللعبة الأوسع ممارسة بين الأطفال منذ جيل كامل. ذلك الجيل يفتقر إلى الإنجازات والرموز. ومع تغيّر التركيبة السكانية وتراجع صورة الهوكي بسبب فضائح متلاحقة، ترى كندا في «مونديال 2026» نقطة تحوّل تاريخية.
وقعت كندا في مجموعة تضم سويسرا وقطر، إضافة إلى متأهل من ملحق أوروبي (إيطاليا أو ويلز أو البوسنة والهرسك أو آيرلندا الشمالية). ويُعد بلوغ الدور الإقصائي لأول مرة الحد الأدنى للنجاح.
المدرب الأميركي جيسي مارش أعدّ فريقه بشكل منهجي؛ إذ اعتمد على مجموعة محددة من نحو 30 لاعباً خلال النوافذ الدولية الأخيرة. لعبت كندا 14 مباراة في 2025، وخسرت اثنتين فقط في الوقت الأصلي، وهو سجلّ أفضل من المكسيك والولايات المتحدة.
لكن ما افتقدته هو الحسم وإدارة المباريات، كما ظهر في خروجها من ربع نهائي «الكأس الذهبية» أمام غواتيمالا.
ومع ذلك، تطورت هوية الفريق، ليصبح الأشد صلابة دفاعياً في «الكونكاكاف»؛ إذ استقبل هدفاً واحداً فقط في آخر 6 مباريات.
وقدمت كندا أفضل مستوياتها أمام المنتخبات الأوروبية، بفوز مريح على أوكرانيا، ثم انتصارين متتاليين خارج الأرض على رومانيا وويلز.
وكانت «لحظة» أكتوبر الماضي أمام كولومبيا؛ تعادلاً سلبياً وهيمنة طويلة، دليلاً على نضج واضح وثقة متنامية.
لا تزال كندا بحاجة إلى مزيد من الفاعلية الهجومية، وستدخل البطولة بوصفها طرفاً أقل ترشيحاً من جارتيها، لكن قدرتها على المفاجأة، وتغيير نظرة الداخل لكرة القدم، قد تكون دافعاً أكبر من أي ضغط آخر.
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير




