اخبار العرب -كندا 24: الأحد 28 ديسمبر 2025 09:51 صباحاً شرعت الحكومة الجزائرية في اعتماد آلية قانونية تسمح بتأجيل الملاحقة القضائية لبعض الشركات مقابل استرجاع الأموال أو الأصول التي حوَّلتها أو تنازلت عنها خارج البلاد بطرق غير قانونية، فيما يُعرف باسم «مسار استرجاع الأموال المنهوبة»، والذي تم إطلاقه بعد سجن مسؤولين كبار عملوا في مرحلة الحكم السابقة.
وأعلن وزير العدل لطفي بوجمعة عن هذه الآلية خلال مؤتمر «الأمن القانوني كمحرّك للتنمية الاقتصادية» الذي انعقد بالعاصمة الجزائر، السبت، وشارك فيه الوزير الأول سيفي غريب وقضاة ومسؤولو الأجهزة الحكومية المكلفون بمحاربة الفساد.
وتتيح هذه الآلية، حسب بوجمعة، تسديد القروض البنكية وكل المستحقات والمبالغ التي تم الحصول عليها من ممارسات الفساد، بديلاً عن الملاحقة القضائية «مؤقتاً».
ولفت الوزير إلى أن ذلك لا يعني تخلي الدولة عن ملاحقة المتورطين في الفساد قضائياً، ولا إسقاط التهم عنهم، ولا منحهم عفواً، «بل هو تعليق مؤقت للإجراءات القضائية، ويبقى مشروطاً بالتزام الشركة محل شبهة فساد، بشكل كامل، بتنفيذ ما طُلب منها. وفي حال الإخلال بهذه الالتزامات تُستأنف المتابعة القضائية تلقائياً».
ويُعد هذا الإجراء بديلاً عن المتابعات الجزائية التقليدية، ويُطبق على الأشخاص المعنويين، أي الشركات، وليس بالضرورة على الأشخاص الطبيعيين؛ ويمكن متابعة المسؤولين بصفة فردية إذا ثبتت مسؤوليتهم الشخصية في الفساد، حسبما صرَّح بوجمعة.
وأشار وزير العدل إلى أن هذا «لا يشمل كل الجرائم، وإنما يقتصر على جرائم مالية واقتصادية محددة، خصوصاً تلك المتعلقة بتحويل الأموال إلى الخارج أو التصرف غير القانوني في الأصول».
وفي مقابل الاستفادة من هذا الإجراء، يتم إلزام الشركة إما بإعادة الأموال المحولة إلى الخارج، وإما استرجاع الأصول محل المخالفة، وإما دفع قيمتها المعادِلة إذا تعذر الإرجاع، إضافة إلى تسديد الغرامات والضرائب وكل الحقوق المالية المترتبة عن أفعال الفساد المنسوبة إليها.
وقال بوجمعة: «في سياق تنفيذ الأحكام الجديدة لقانون الإجراءات الجزائية، أعطينا توجيهات للنيابة العامة بضرورة التطبيق السليم والموحد لإطار تحريك الدعاوى العمومية ضد مسيري المؤسسات العمومية الاقتصادية، والمؤسسات الصناعية والتجارية العمومية».
استعادة الأموال «بسرعة»إن الهدف من هذا التوجه، حسب قضاة مكلفين بملفات محاربة الفساد تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، هو تمكين الدولة من استرجاع الأموال بسرعة، والحفاظ على النشاط الاقتصادي ومناصب الشغل، وتشجيع الاستثمار، بدلاً من اللجوء إلى مسارات قضائية طويلة تؤدي في أحيان كثيرة إلى توقف المؤسسات وضياع الأموال خارج البلاد.
وقال أحد القضاة، مفضلاً عدم نشر اسمه: «يتمثل التوجه الجديد، حسب التوجيهات التي أسداها وزير العدل، في سعي الدولة إلى تحقيق توازن بين حماية المال العام، ومحاربة المخالفات من جهة، وضمان استمرارية النشاط الاقتصادي، وعدم تعطيل المؤسسات المنتجة من جهة أخرى، مع التأكيد على أن هذا الإجراء يبقى مشروطاً بالالتزام الكامل، ولا يُعد تهاوناً مع الفساد».
وفي إطار التعاون مع دول غربية استقبلت أموالاً عامة حُوّلت من الجزائر، أفادت صحيفة إسبانية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بأن فندقاً يقع في مدينة برشلونة كان مملوكاً لرجل الأعمال الجزائري علي حداد، المحكوم عليه في قضايا فساد، أصبح ضمن أملاك الدولة الجزائرية.
ويتعلق الأمر، حسبها، بفندق «إل بالاس دي برشلونة»، الذي انتقلت ملكيته إلى «الصندوق الوطني للاستثمار» الجزائري خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، وذلك عبر آلية «الدفع مقابل الدين»، وفق ما أوردته الصحيفة.
وكان الفندق مملوكاً لحداد منذ سنة 2011، حيث اشتراه بمبلغ 40 مليون يورو، بحسب تحقيقات الأمن الجزائري. وصدر عليه حكم قضائي في 2020 بعقوبة سجن نافذة مدتها 10 سنوات بتهم تتعلق بـ«تبديد المال العام، وسوء استغلال النفوذ والفساد».
وسبق للقضاء الجزائري أن تقدم بطلب رسمي إلى السلطات القضائية الإسبانية لاسترجاع العقار، على أساس الاشتباه في أنه اقتُني بأموال تم تحويلها إلى الخارج بطرق غير قانونية.
إجراء «طوعي»لم تنتقل ملكية الفندق عبر مسار قضائي أو تنفيذ حكم بالحجز، وإنما تم ذلك في إطار اتفاق رضائي مع علي حداد، وهو ما تؤكده طريقة التقييد في السجل العقاري بمدينة برشلونة، حيث سُجّل الإجراء على أساس «السداد مقابل الدين» وليس بوصفه تنفيذاً لأمر حجز صادر عن جهة قضائية.
وتعد آلية «السداد مقابل الدين» إجراءً طوعياً لا يتم إلا بموافقة جميع الأطراف المعنية.
وفي العاشر من أكتوبر الماضي، صرّح الرئيس عبد المجيد تبون خلال خطاب ألقاه أمام القيادة العسكرية بأن الجزائر نجحت في استرجاع أصول تُقدَّر قيمتها بنحو 30 مليار دولار، ملمّحاً إلى فندق «إل بالاس» من دون أن يذكره بالاسم، قائلاً: «في إسبانيا، تمكنت السلطات من استعادة فندق 5 نجوم جرى اقتناؤه بطرق غير مشروعة».
كما وجّهت الجزائر خلال عام 2022 طلبات إنابة قضائية إلى عشرات الدول بهدف استرجاع ممتلكات تعود لرجال أعمال ووزراء ومسؤولين عسكريين من العهد السابق، من بينهم وزير الطاقة السابق شكيب خليل المقيم في الولايات المتحدة، ووزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب المقيم في فرنسا، إضافة إلى علي حداد.
وفي هذا السياق، احتُجزت وديعة بقيمة 1.5 مليون يورو في بنك سويسري تعود لبوشوارب الذي يخضع لمذكرة توقيف دولية صدرت عقب إدانته غيابياً بالسجن 20 عاماً في قضايا فساد، غير أن القضاء الفرنسي رفض تسليم الوزير السابق إلى الجزائر، بدعوى «عدم توفر ضمانات كافية لمحاكمته، وفق شروط المحاكمة العادلة».
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير




