اخبار العرب -كندا 24: الأحد 14 ديسمبر 2025 06:39 صباحاً يجسِّد وليد الركراكي -الملقب في الأوساط الكروية المغربية بـ«رأس الأفوكادو»، ومهندس منظومة «أسود الأطلس» الحديثة- نموذجاً لمدرب نجح في تحقيق مسار صاعد وسريع، دون التفريط في الاستمرارية أو جودة البناء التكتيكي.
بدأت رحلته التدريبية الفعلية عام 2014 مع نادي الفتح الرباطي؛ حيث برز بقدرته على تشييد فريق متماسك قائم على الانضباط والانتشار الذكي، وتوِّجت تجربته بتحقيق لقب الدوري المغربي عام 2016، وهو أول لقب في تاريخ النادي.
وبعد تثبيت اسمه محلياً، انتقل إلى قطر لتدريب نادي الدحيل؛ حيث أكد قدرته على النجاح خارج الديار بإحراز لقب الدوري القطري، معززاً بذلك مكانته مدرباً يجمع بين المعرفة النظرية والقدرة العملية على توجيه المجموعات.
غير أن محطة الوداد الرياضي كانت العلامة الفارقة في مساره، ففي عام واحد فقط (2022)، حقق إنجازاً تاريخياً مزدوجاً بقيادته «القلعة الحمراء» إلى التتويج بلقب الدوري المغربي، ثم دوري أبطال أفريقيا. بهذا الجمع غير المسبوق بين اللقبين في موسم واحد، أصبح الركراكي أول مدرب مغربي يحقق هذا السجل، مثبتاً أن مشروعه التدريبي قادر على إنتاج نتائج قارية ومحلية في وقت قياسي.
هذا الرصيد القاري هو ما دفع الاتحاد المغربي لكرة القدم إلى تعيينه على رأس المنتخب الوطني، قبل أشهر قليلة من كأس العالم 2022. وهناك، صاغ الركراكي واحدة من أبهى صفحات التاريخ الكروي الأفريقي، بعدما قاد المغرب إلى قبل نهائي المونديال بوصفه أول مدرب عربي وأفريقي يحقق هذا الإنجاز. وحوَّل المنتخب إلى قوة عالمية يُحسب لها حساب، مستفيداً من فلسفته القائمة على الانضباط التكتيكي، والتحفيز النفسي، وتعظيم دور اللاعب المحلي والمحترف على حد سواء.
واليوم، يحمل على عاتقه مسؤولية تتويج هذا الجيل الذهبي بكأس أفريقيا، مستنداً إلى تجارب نوعية في أبطال أفريقيا، وخبرة الاحتكاك بالنخبة العالمية في قطر والمونديال.
تكمن قوة الركراكي في مزيجه الخاص بين الفكر التكتيكي الأوروبي الصارم، والتحفيز النفسي العميق المعروف عنه، والذي أرسى ما بات يُعرف داخل محيط «الأسود» وقبلها بعقلية الفوز -أو «عقلية الوينرز»- في إشارة إلى الفصيل الشهير من جماهير الوداد.
وتقوم هذه المنظومة على 3 عناصر مركزية: الأساس الدفاعي والتنظيم المحكم (4-1-4-1/ 5-4-1). يبني الركراكي مشروعه الفني على قاعدة صلبة من الانضباط الدفاعي. فتكتيكه يتدرج في التحول بين 4-1-4-1 هجومياً و5-4-1 أو 4-5-1 دفاعياً، بهدف غلق المساحات العمودية وتقليص الهوامش بين الخطوط. ويترجم ذلك عبر:
- كثافة عددية واعية في الوسط، مع محور ارتكاز قوي -مثل سفيان أمرابط- وظهيرين يتحولان بسرعة بين الاندفاع الهجومي والعودة لتشكيل خط دفاع خماسي عند الحاجة.
- اعتماد كتلة دفاعية منخفضة أو متوسطة، مع دفاع صبور يجبر الخصوم على الاستحواذ السلبي، وهي منهجية أثبتت فاعليتها أمام منتخبات كبرى في المونديال.
- السلاح الهجومي أو التحولات السريعة والفعالية القصوى. فرغم حضوره الدفاعي القوي، لا يبني الركراكي لعبه على الدفاع السلبي؛ بل يعتمد على الانتقال السريع والضربات المباغتة المنظمة، من خلال:
* هجمات مرتدة قصيرة تنفذ عبر 3 أو 4 لمسات مستغلة سرعة الأجنحة من الطرفين، مما يربك دفاعات الخصوم المتقدمة.
* مرونة تكتيكية في التدرج بالضغط العالي عند الحاجة، وهي قدرة عززها مساره بدوري أبطال أفريقيا؛ حيث تأقلم بمرونة مع أنماط منافسين مختلفين.
- البعد النفسي أو صناعة الثقة وكسر عقدة القارة والعالم: يعرف الركراكي بقدرته على بناء مجموعات متماسكة ذهنياً من خلال كسر حاجز الخوف، عبر إقناع اللاعبين بأنهم قادرون على مقارعة أي منتخب عالمي، وهو ما ظهر جلياً أمام بلجيكا وإسبانيا والبرتغال. وكذلك تعزيز الروح الجماعية والوحدة داخل المعسكر عبر خطاب واضح: «الفريق فوق الجميع، والنتيجة ثمرة تضحيات مشتركة». وهي الروح التي يأمل تحويلها هذه المرة إلى عامل حاسم في التعامل مع ضغط الأرض وكثافة التوقعات في «الكان».
وبهذه المعادلة، يجمع الركراكي بين الانضباط الدفاعي الأوروبي، والفاعلية الأفريقية، والشخصية المغربية المبنية على القتال والمرونة والثقة.
ورغم النجاحات الكبيرة التي حققها «رأس الأفوكادو» منذ توليه قيادة «الأسود»؛ خصوصاً تصدُّر أفريقيا في التصنيف الدولي، فإن الأداء الفني في الفترة الأخيرة فتح الباب أمام موجة انتقادات جماهيرية وإعلامية.
وتتركز هذه الانتقادات حول محدودية الخيارات الهجومية أمام المنتخبات المتكتلة، والاكتفاء بمنهجية المونديال القائمة على الصلابة الدفاعية والمرتدات، دون تطوير منظومة هجومية قادرة على تفكيك الدفاعات المنخفضة عبر البناء المنظم أو الاختراقات العمودية.
ويرى المنتقدون أن المنتخب يعاني من غياب خطط بديلة واضحة، وأن خلق الفرص كثيراً ما يعتمد على المبادرات الفردية أو الكرات الثابتة، بدل آليات جماعية ممنهجة.
ومع اقتراب كأس أفريقيا التي ستُلعب تحت ضغوط كبيرة وخصوم يتحفظون دفاعياً أمام المغرب، يتضاعف الضغط على الركراكي لإثبات قدرته على تطوير هوية هجومية أكثر شجاعة وابتكاراً، قادرة على تحقيق الانتصار بالأداء قبل النتيجة.
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير



