أخبار عاجلة
الرئيس السوري يتسلم أوراق اعتماد سفير دولة قطر -
4 أطعمة تساعد على تعزيز قوة الذاكرة -

«عشرون» جبران تويني الذي مضى في طريقه حتى النهاية

اخبار العرب -كندا 24: الخميس 11 ديسمبر 2025 06:51 صباحاً كان اسم جبران تويني يسبق صورته دائماً. كان يُشبه صوتاً يمشي أمام صاحبه، وجملة تتقدَّمه نحو الساحة التي لا يخشاها. 20 عاماً مرَّت على اغتيال رجل لم يعد ممكناً اختزاله في جريمة أو زمن سياسي. بقي، رغم رحيله، جزءاً من المفردات التي تتردَّد كلما عاد السؤال عمّن يملك شجاعة الكلام في بلد اعتاد أن يدفن أصواته. في ذكراه العشرين، كان الاحتفاء به مواجهة متجدّدة مع معنى أن يصرّ أحدهم على قول «لا» في مرحلة انتشرت فيها الـ«نعم» الرخوة.

الجدران كأنها هي الأخرى تتذكّر (الشرق الأوسط)

بهذه الروح، دخل الحضور إلى «الكنيسة الكبّوشية» في وسط بيروت. جدرانها العتيقة تلقَّت الإضاءة التي صمَّمها أمير توما، والخرائط الثلاثية البُعد التي أعدَّها إميل عضيمي، فتحوَّلت صفحاتٍ تُقلَّب أمام الأوفياء للراحل. لكنّ المعنى الحقيقي ظلَّ مرتبطاً باسم الشخص الذي اجتمعوا لأجله... ابن بيروت الذي لم يُساوم على رأيه.

ميشيل تويني تتمسّك بإرث ترفض أن يُمحى (الشرق الأوسط)

وقفت ميشيل تويني أمام الحضور السياسي والثقافي والإعلامي لتُعيد تركيب صورة والدها من جديد. روت أنه حين سُئل ذات يوم «مَن أهم زعيم بالنسبة إليك؟» فأجاب: «الشعب اللبناني». بدت العبارة في سياق اللحظة سؤالاً للحاضرين أكثر مما هي إجابة قديمة. أين صار هذا الشعب بعد 20 عاماً؟ سألت السؤال نفسه، ثم أجابت بأنّ كثيراً تغيَّر... أنظمة سقطت؛ تماماً كما قال جبران إنّه لا مستقبل لها في هذا الشرق. ذكرت سمير قصير، والحرب الأخيرة على لبنان، والجنوب الذي دُمّر مجدداً، وعادت إلى كلمات والدها: «كلّ لبناني يسقط هو شهيد، حتى لو اختلفتُ معه في الرأي»، و«الأوطان لا تُبنى بالتخوين». كلمات أكثر من اقتباسات... حوار مؤجَّل بين جيلَيْن.

لبنان بعلبكي استدعى جبران من مكانه البعيد ليحضر بالموسيقى (الشرق الأوسط)

ظهرت على جدران الكنيسة صورة غسان تويني. ظِلُّ الرجل الذي وقف يوماً في الأمم المتحدة وقال: «دعوا شعبي (يعيش)»، بدا كأنه يطلّ من فجوة بين تاريخَيْن يتقاطعان ولا يتصالحان. قرأ الممثل رفيق علي أحمد بنبرته العميقة مقالات غسان بعد اغتيال جبران، خصوصاً نصّ «دفن الأحقاد». كيف يمكن لرجل دَفَن عائلته فرداً تلو الآخر أن يدعو إلى إسقاط الكراهية ورفض تعميقها؟ الوجع شهادة إنسانية تُظهر طبقة أخرى من الحِداد؛ طبقة الأب الذي لا يملك سوى كلماته ليُواجه ما تبقّى له من العالم.

صوت رفيق علي أحمد يُعيد إحياء الذاكرة (الشرق الأوسط)

في الكنيسة نفسها التي وقف فيها الإمام موسى الصدر عام 1975 ليدعو إلى الانفتاح قبل سقوط البلاد في الحرب، خاطبت ميشيل تويني الحضور السياسي بوضوح... قالت إنّ «كلّ لبناني خسر شهيداً أو بيتاً»، وإن الوقت حان للخروج من منطق التضحية غير المنتهية، معلنة الإيمان بالدولة التي تحمي الجميع. تجاوزت كلماتها تكرار خطاب قديم إلى محاولة لتسمية ما يتجنَّب اللبنانيون الاعتراف به، وهو استمرار دورة الألم لأنّ أحداً لم يضع لها سقفاً بعد.

جوليا قصار تقرأ وناديا تويني تعود من بين الكلمات (الشرق الأوسط)

ثم سلَّم المايسترو لبنان بعلبكي الأمسية للموسيقى. جوقة جامعة «سيدة اللويزة»، التي يرأسها الأب خليل رحمة، وقفت خلف الأوركسترا، فيما الإضاءة تتبدَّل على الحجارة. تردَّد صوت جبران في الكنيسة... أحاديثه عن الحرّية، «قَسَمه» الشهير، لقطاته، ثم قراءة قصائد ناديا تويني بصوت جوليا قصّار. كانت نصوص الأم التي فقدت عائلتها تُقرأ فوق جدران شهدت تاريخاً آخر. الكلمات التي كتبتها عن الموت والوطن شكَّلت تذكيراً بأنّ اللغة أحياناً هي السلاح الوحيد المُتاح.

جبران يُراقب البلد الذي لم يتخلَّ عنه يوماً (الشرق الأوسط)

جلس ميشال فاضل إلى البيانو ليعزف «ماي واي» لفرانك سيناترا؛ الأغنية التي أحبَّها جبران. كانت المفاجأة تسجيلاً بصوته وهو يُغنّيها. بدا كأنّ الرجل يعود ليُعلّق على حياته الخاصة. فقد اختار طريقه، ودفع ثمنه، وظلَّ مُخلصاً لخياراته حتى اللحظة الأخيرة. الأغنية التي تتحدَّث عن السير في الطريق نفسها مهما كانت مُعقّدة، بدت أقرب إلى سيرة ذاتية مُستترة.

سمية بعلبكي وهي تغنّي «خدني ازرعني بأرض لبنان» (الشرق الأوسط)

توالت المقطوعات: موسيقى «غلاديتور» التي غنّاها بافاروتي بصوت التينور بشارة مفرج، ثم «ميس الريم» لزياد الرحباني بتوزيع جديد من ميشال فاضل. وغنَّت سمية بعلبكي «خدني ازرعني بأرض لبنان»، فيما صوت جبران يعود إلى ذكرى قديمة في فرنسا عام 1976، حين قال إنّ الأغنية تُعذّب المغتربين لأنها تُذكرهم بالأرض التي تركوها، لكنها تمنحهم في الوقت نفسه رابطة لا تنقطع.

اختُتمت الأمسية، التي نظَّمتها «مؤسّسة جبران تويني»، بأغنيات «أومن» لفيروز والأخوين، و«إيماني ساطع»، و«عم بحلمك يا حلم يا لبنان». تراءى الختام طبقة أخرى من الذاكرة وُضعت فوق ما سبقها. بدا الحاضرون كأنهم يخرجون من الأمسية لا بما يُخفّف ثقل السنوات؛ وإنما بما يؤكد أنّ هذه السنوات نفسها لم تهدأ بعد. أسئلة البلد مُعلّقة، واستحضار جبران تويني أكثر من استعادةٍ للماضي... إنه تذكير الحاضر بأنه لم يتقدَّم بما يكفي كي يطوي تلك الصفحة.

تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير

السابق «دي إن أو» النرويجية تستأنف عمليات الحفر في إقليم كردستان العراق
التالى «المركزي الأوروبي» يقترح تبسيط قواعد رأسمال البنوك دون تخفيف الرقابة

 
c 1976-2025 Arab News 24 Int'l - Canada: كافة حقوق الموقع والتصميم محفوظة لـ أخبار العرب-كندا
الآراء المنشورة في هذا الموقع، لا تعبر بالضرورة علي آراء الناشرأو محرري الموقع ولكن تعبر عن رأي كاتبيها
Opinion in this site does not reflect the opinion of the Publisher/ or the Editors, but reflects the opinion of its authors.
This website is Educational and Not for Profit to inform & educate the Arab Community in Canada & USA
This Website conforms to all Canadian Laws
Copyrights infringements: The news published here are feeds from different media, if there is any concern,
please contact us: arabnews AT yahoo.com and we will remove, rectify or address the matter.