اخبار العرب -كندا 24: الاثنين 8 ديسمبر 2025 01:27 مساءً عن دار «خطوط وظلال» بعمان، صدر لفاضل السلطاني كتاب «البربرية الثقافية... وقائع الانهيار». وضم مقالات في الفكر والثقافة والأدب واللغة، تناولت قضايا وظواهر شكّلت ملامح أساسية في تاريخنا المعاصر، وخاصة منذ الألفية الجديدة، التي عرف فيها العالم تطورات هائلة على أكثر من صعيد.
جاء في تقديم الكتاب:
«هذه مختارات من مقالات قصيرة، نشرت على مدى ربع قرن في جريدة (الشرق الأوسط) اللندنية، على شكل عمود ثقافي يتناول جوهر القضية التي يطرحها بشكل مكثف بحكم المساحة المخصصة. وقد اخترنا نشرها في هذا الكتاب، لأننا نرى أن القضايا والظواهر الفكرية والثقافية التي تناولتها، والتي انعكست بالضرورة على شعوبنا وبلداننا، وكتاباتنا وأدبنا وفننا، ما تزال حاضرة، وربما بقوة أكثر، وما تزال تشكل ملامح أساسية في حياتنا المعاصرة، وخاصة منذ الألفية الجديدة، التي عرف فيها العالم تطورات هائلة على الأصعدة كافة، سياسياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً وتقنياً».
وللأسف، تتناسب هذه التطورات، في مجملها، عكسياً مع منظومتنا الأخلاقية، فكلما تقدمنا علمياً وتقنياً أكثر كلما تراجعنا أخلاقياً، وكلما صعدنا خطوة في سلم معارفنا الهائلة التي وفّرها العصر الذي نعيشه، كلما هبطنا خطوتين في سلم القيم الإنسانية، وكأننا نشهد تقريباً صياغة إنسان مختلف لا نكاد نتعرف عليه، وكأنها أمام ولادة ثانية لهذا الإنسان، إذا استخدمنا تعبير نيتشه، ولكن بالمعنى السلبي، فهي ولادة قيصرية مشوهة على يد قابلة الرأسمالية المتوحشة، وحسب مقاساتها وتصميمها وألوانها، معيدة إنتاج ليس عقولنا فقط، بل أرواحنا أيضاً.
أي نبوءة مرعبة أطلقها ماركس في القرن التاسع عشر: «إذا تأخرت الرأسمالية في تحولها، فإنها ستتحول إلى بربرية».
«البربرية على الأبواب» ليست صورة شعرية، ولا عبارة مجازية. بل حقيقة صارخة. إنها فعلاً على أبواب عصرنا، الذي لم يعد عصراً مسطحاً فقط، فارغاً من أي معانٍ سامية تقوده وتوجه بوصلته، بل عصر فقد إلى درجة مريعة ضميره الأخلاقي، وكأن حركة التنوير الكبرى، التي بدأت من القرن السادس عشر، وبشرت بقيم الحرية والحق والعدل والمساواة، قد محيت من سجل التاريخ.
أي عوامل سياسية واجتماعية وثقافية قادت إلى ذلك؟ وما الذي يحصل حقاً في تاريخنا المعاصر؟ هل يتخطى الأمر مداركنا العقلية والذهنية، فنقف عاجزين عن تحليله وفهمه، وبالتالي تجاوزه، أم الأمر متوقف على «عوامل موضوعية» تحرّك هذا التاريخ، ولا نملك إزاءها شيئاً؟ ولكن ما هذه العوامل الموضوعية؟ ولماذا وكيف تشكّلت الآن، وليس من قبل؟ هل نحن قادرون على فهمها، ونحن ما نزال نتخبط في دوامتها؛ يميناً ويساراً؟ ثم، هل هي مرحلة طارئة هبطت علينا فجأة من السماء في غفلة منا، ومن التاريخ، أم إنها كانت كامنة تحت السطح منذ أجيال طويلة، ولكننا لن نرها، ونما عودها الآن، ثم استطالت لتغطي كل المعمورة؟
هذه المقالات لا تدعي شيئاً، بل تحاول فقط أن تطرح أسئلة على أنفسنا، وإذا نجحت في فعل ذلك، فهذا يبرر كتابتها ونشرها، فطرح سؤال صحيح، ونرجو أن تنطبق هذه الصفة نسبياً على الأسئلة التي نطرحها هنا، خاصة في القسم الأول من هذا الكتاب، شيء صعب جداً، كما قال الشاعر د. هـ. أودن مرة.
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير





