
مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد يشهد إطلاق دليل أممي جديد
الدوحة - قنا
شهدت جلسة تحقيق السلام من خلال النزاهة ضمن أعمال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، في دورته الحادية عشرة، والتي تستضيفها الدوحة خلال الفترة من 15 إلى 19 ديسمبر الجاري إطلاق دليل جديد لمنظومة الأمم المتحدة بعنوان "تحقيق السلام من خلال النزاهة: إرشادات عملية للعمل الميداني للأمم المتحدة".
ويركز هذا الدليل على مكافحة الفساد في البيئات المتأثرة بالنزاعات، باعتباره أحد المفاتيح الأساسية لتحقيق السلام المستدام.
وفي هذا السياق قال السيد ألكسندر زوف، وكيل الأمين العام بالإنابة لشؤون مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة في كلمته إن الفساد لا يعد مجرد نتيجة جانبية للنزاعات وعدم الاستقرار، بل يشكل في كثير من الأحيان محركا رئيسيا للصراع وسببا مباشرا لإطالة أمده.
وأضاف أن الفساد يقوض التنمية المستدامة، وينتهك حقوق الإنسان، ويضعف ثقة الشعوب في مؤسسات الدولة، مشددا على أن تجاهله في سياقات النزاع يعرض فرص السلام والاستقرار والعدالة لخطر حقيقي.
وأوضح أن بيئات عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة غالبا ما تشهد مستويات مرتفعة من الفساد، ما ينعكس سلبا على قدرة البعثات الأممية على تنفيذ ولاياتها وبرامجها بفعالية، مؤكدا أن تبني منظور واضح لمكافحة الفساد أصبح ضرورة لا غنى عنها في عمل الأمم المتحدة الميداني، سواء في إعادة بناء المؤسسات أو في دعمها للعمل بشفافية ونزاهة ومساءلة.
وأشار زوف إلى أن المنسقين المقيمين للأمم المتحدة يطلب منهم بشكل متزايد إدماج مكافحة الفساد ضمن أطر التعاون الإنمائي المستدام، لضمان انسجام الجهود الدولية مع هذه الأولوية العالمية.
وفي هذا الإطار، حذر من أن التقاعس في هذا المجال قد يؤدي إلى ترسيخ الفساد، وتقويض شرعية الدولة، وخلق بيئة خصبة للتطرف العنيف والجريمة المنظمة والإرهاب.
وشدد المسؤول الأممي على أن مكافحة الفساد ليست خيارا ثانويا، بل مهمة أساسية من مهام حفظ السلام، مقرا في الوقت نفسه بأن معالجة الفساد عملية طويلة الأمد، إلا أن تحقيق نجاحات مبكرة وملموسة يعد أمرا حاسما لبناء الثقة وإظهار جدية التغيير ودعم مسارات التنمية.
ونوه زوف إلى التزام سعادة السيد أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، الوارد في رؤية سيادة القانون لعام 2023، بتعزيز جودة المساعدة القانونية وبناء القدرات الوطنية في مجالات منع الفساد وكشفه والتحقيق فيه.
كما ذكر بإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر عام 2021، الذي دعا إلى تعزيز التنسيق بين مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة وإدارة الشؤون السياسية وبناء السلام وإدارة عمليات السلام.
وأكد زوف أن تحقيق السلام القائم على النزاهة يتطلب شراكات قوية تجمع بين الدول الأعضاء، والمنظمات الدولية والإقليمية، والأوساط الأكاديمية، والمجتمع المدني، والمؤسسات الوطنية، مشددا على أهمية مواصلة التعاون المشترك لمواجهة أحد أخطر التحديات التي تهدد السلام والأمن في العالم اليوم.
من جهته أكد السيد جون براندولينو، نائب الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن منظومة الأمم المتحدة تمتلك اليوم فرصة حقيقية لتعزيز دعمها للدول الخارجة من النزاعات، من خلال دمج مبادئ النزاهة والشفافية والمساءلة في صميم جهود حفظ السلام وبناء السلام، مشددا على أن الدليل الجديد الذي أطلق اليوم يشكل خطوة عملية في هذا الاتجاه.
وأوضح براندولينو أن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة يعمل منذ سنوات بشكل وثيق مع شركائه في منظومة الأمم المتحدة، سواء من خلال رئاسته المشتركة لفرقة العمل الداخلية المعنية بمكافحة الفساد، أو عبر التعاون الميداني في بعثات سياسية خاصة وعمليات حفظ السلام في دول مثل هايتي والصومال وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية إفريقيا الوسطى. وأضاف أن هذه الشراكات ساهمت في استخلاص دروس عملية حول كيفية تعزيز التكامل بين الجهود المختلفة على أرض الواقع.
وأشار إلى أن إعداد هذا الدليل جاء استجابة مباشرة لدعوات الدول الأعضاء لتعزيز التنسيق بين وكالات الأمم المتحدة، لا سيما في مجالات سيادة القانون ومكافحة الفساد في سياقات حفظ السلام وبناء السلام. وذكر بأن هذه الدعوات صدرت في محافل دولية عدة، من بينها الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2021، إضافة إلى اجتماعات دولية أخرى بارزة في العام نفسه.
وأكد السيد جون براندولينو، نائب الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن الدليل الجديد يتماشى مع إطار العمل العالمي "العمل من أجل السلام"، الذي يحظى بعضوية عالمية واسعة ويستند إلى التزامات دولية واضحة.
وأوضح أن التوجيهات الواردة فيه مبنية على خبرات ميدانية حقيقية ودروس مستفادة من عمل الأمم المتحدة في بيئات نزاع معقدة، ما يمنحها طابعا عمليا وقابلا للتطبيق.
ولفت المسؤول الأممي إلى أن الدليل يقدم أمثلة مشجعة لمبادرات شاملة تربط بين دعم السلام وتعزيز النزاهة، بما في ذلك جهود الوقاية من الفساد، وتمكين النساء والشباب، وإشراك القطاع الخاص، معتبرا أن هذه العناصر أساسية لتحقيق أثر مستدام.
وأكد أن الوثيقة صممت لتكون أداة دقيقة ومتوازنة تستهدف قيادات وفرق الأمم المتحدة العاملة في الميدان.
وفيما يتعلق بترجمة هذه التوجيهات إلى نتائج ملموسة، شدد براندولينو على أهمية إيصال الرسائل الرئيسية للدليل إلى الهيئات الأممية المعنية بالسلام والأمن، وكذلك إلى الدول الأعضاء في نيويورك.
وأعرب عن ترحيبه بمشاركة جمهورية الكونغو الديمقراطية في هذه المناقشات، خاصة مع اقتراب توليها عضويتها في مجلس الأمن، معربا عن أمله في تعزيز التعاون معها في هذا المجال الحيوي.
كما دعا إلى تطبيق المبادئ الواردة في الدليل على المستويين الاستراتيجي والعملياتي داخل البعثات الأممية، مؤكدا أن الوثيقة ينبغي أن تستخدم كنقطة انطلاق للنقاش والتكييف وفق خصوصيات كل سياق وطني وميداني.
وأكد براندولينو التزام مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، بصفته الجهة الرائدة في منظومة الأمم المتحدة في مجال مكافحة الفساد، بمواصلة التنسيق وتقديم الدعم اللازم لإنجاح هذه الجهود، معربا عن حماسه للعمل المشترك من أجل ترسيخ السلام على أسس النزاهة وسيادة القانون.
على صعيد آخر أكد سعادة السيد غيوم نجيفا، وزير العدل في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أن الفساد المرتبط بالاستغلال غير المشروع للموارد الطبيعية يمثل أحد الأسباب الجوهرية لاستمرار النزاع في بلاده منذ أكثر من ثلاثين عاما، مشددا على أن تحقيق سلام دائم يتطلب مواجهة هذه الظاهرة بشكل مباشر وحازم.
وقال نجيفا إن الاستغلال غير المشروع للموارد أدى إلى تمويل الجماعات المسلحة، وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وإفشال جهود حفظ السلام، وتقويض اتفاقيات السلام المتعاقبة على مدى ثلاثة عقود.
وختم وزير العدل كلمته، بالتأكيد على أن جمهورية الكونغو الديمقراطية لا يمكنها إنهاء دوامة العنف دون مقاربة شاملة تعالج الفساد من جذوره، وتعزز سيادة القانون، وتضمن أن تستخدم ثروات البلاد لخدمة السلام والتنمية.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير



