المجموعة العربية تؤكد على أهمية الحفاظ على اتفاقية مكافحة الفساد وصون مكتسباتها

الدوحة - قنا

عبر سعادة السيد جاسم يعقوب الحمادي سفير دولة قطر لدى جمهورية النمسا الاتحادية ومندوبها الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في فيينا عن تأكيد المجموعة العربية على أهمية الحفاظ على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وصون المكتسبات التي حققتها، وطبيعتها الحكومية والشاملة والمحايدة والفنية، التي لا تستهدف التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو تصنيفها.

جاء ذلك في بيان ألقاه سعادته باسم المجموعة العربية أمام الدورة الـ11 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المنعقد في الدوحة، وشدد فيه على دور الاتفاقية المحوري كونها صكا عالميا ملزما هو الوحيد من نوعه والأكثر شمولا الذي يتناول مختلف أوجه الفساد والحد منه ومكافحته.

وقال سعادته، إن مجموعة الدول العربية تثمن الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق عام 2030، والتي تساهم الدول العربية فيها من خلال خطط عمل وطنية وإقليمية ودولية انطلاقا من قناعتها بأن تحقيق التنمية المستدامة يعتبر حافزا مهما لمنع ومكافحة الفساد.

وأضاف : في هذا الصدد تشير المجموعة إلى جهودها لمكافحة الفساد، لا سيما الاتفاقيات العربية التي اعتمدت تحت مظلة جامعة الدول العربية دعما للتعاون العربي المشترك في هذا الإطار.

وأكد سعادة السيد جاسم يعقوب الحمادي، أن مداولات مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي تهدف لتقييم الجهود المشتركة في ميدان مكافحة ظاهرة الفساد وما يرتبط بها من كافة أشكال الجريمة، لا يمكن أن تستقيم دون التنبيه إلى الأوضاع الخطيرة والمستمرة والوضع الإنساني الكارثي في الأرض الفلسطينية المحتلة بسبب الممارسات الوحشية الممنهجة من قبل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، الطرف في الاتفاقية.

وقال إن المجموعة العربية تجدد إدانتها الشديدة للإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي لما يقرب من عامين في قطاع غزة، والتي أسفرت، بحسب منظمة الأمم المتحدة، عن استشهاد حوالي 70 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 180 ألف شخص، فضلا عن النزوح القسري لما يناهز مليوني مدني، وتدمير البنى التحتية الأساسية، بما يشمل منظومة العدالة الجنائية.

وأضاف أن المجموعة العربية ترحب بإعلان نيويورك 2025 المنبثق عن المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية الذي ترأسته المملكة العربية السعودية وفرنسا، وكذلك بقرار مجلس الأمن 2803 حول وقف إطلاق النار في غزة، وتشيد بجهود الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية العضو العربي في مجلس الأمن في وقف العدوان الإسرائيلي.

كما أشار سعادته، إلى ترحيب المجموعة العربية بانعقاد قمة شرم الشيخ للسلام يوم 13 أكتوبر الماضي، والتي استضافتها جمهورية مصر العربية وبمشاركة عدد كبير من قادة ورؤساء الحكومات من دول العالم، حيث تعرب المجموعة عن ترحيبها بالتوصل إلى اتفاق شرم الشيخ لإنهاء الحرب في غزة، وتذكّر (المجموعة) باعتماد القمة العربية الطارئة في مارس 2025 للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، وتدعو كافة الدول المانحة والمنظمات الدولية المعنية إلى دعم هذه الخطة والمشاركة بفعالية في المؤتمر الذي تدعو جمهورية مصر العربية لانعقاده لهذا الغرض.

وقال سعادة السيد جاسم يعقوب الحمادي، في (بيان المجموعة العربية) إن الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد تتواكب مع الذكرى العشرين لدخول اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد حيز النفاذ، والتي شاركت الدول العربية في صياغتها وبلورتها وبذلت جهودا كبيرة لدمج أحكامها في نظمها القانونية الوطنية.

وأضاف أن الدول العربية ساهمت بفعالية في دعم مسيرة تنفيذ الاتفاقية منذ انطلاقها، فقد استضافت المملكة الأردنية الهاشمية الدورة الأولى عام 2006، ودولة قطر الدورة الثالثة في عام 2009 والدورة الحالية، والمملكة المغربية الدورة الرابعة عام 2011، ودولة الإمارات العربية المتحدة الدورة الثامنة عام 2019، وجمهورية مصر العربية الدورة التاسعة في عام 2021، وهو ما يمثل نصف عدد مؤتمرات الدول الأطراف منذ دخول الاتفاقية حيز النفاذ.

ولفت إلى أن الدول العربية انخرطت بنشاط في جهود تطبيق بنود الاتفاقية وتعزيز آلياتها وأهدافها من خلال القرارات التي طرحتها على مدار السنوات المنصرمة، ومن بينها القرار الذي تقدمت به المملكة العربية السعودية بشأن قياس الفساد، والقرار الذي تقدمت به دولة فلسطين حول حماية المبلغين، واللذين تم اعتمادهما خلال الدورة العاشرة، وإعلان شرم الشيخ الذي تم اعتماده خلال الدورة التاسعة وقرار المتابعة خلال الدورة العاشرة، وإعلان أبو ظبي الذي تم اعتماده خلال الدورة الثامنة، وإعلان مراكش الذي تم اعتماده خلال الدورة الرابعة، وكذلك قرارات متابعة هذا الإعلان التي تم اعتمادها في الدورات اللاحقة.

وأضاف أن المجموعة العربية تشيد بمشروعات القرارات العربية المطروحة خلال الدورة الحالية، وهي مشروع القرار الفلسطيني حول تعزيز التعاون بين هيئات مكافحة الفساد وهيئات الاستخبارات المالية لاتخاذ إجراءات فعالة لمكافحة الفساد واستعادة الأصول، "ومشروع القرار المغربي بشأن متابعة إعلان مراكش حول الوقاية من الفساد"، "ومشروع القرار السعودي حول تعزيز جمع البيانات لقياس الفساد وآثاره وتقييم فعالية تدابير مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة"، ومشروع القرار القطري الذي يتناول المرحلة الثانية لآلية استعراض تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، إلى جانب إعلان الدوحة 2025 حول تعزيز التعاون الدولي والدعم الفني وبناء القدرات واستغلال الفرص التي تتيحها نظم الذكاء الاصطناعي، وجميعها مسائل وثيقة الصلة بجهود مكافحة الفساد والحد منه، وتدلل على الأولوية المتقدمة التي تحتلها في الدول العربية.

وقال سعادة السيد جاسم يعقوب الحمادي إن المجموعة العربية تحث الدول الأطراف على دعم هذه القرارات، والتحلي بروح التعاون وصولا إلى صياغات تراعي شواغل ومصالح كافة الدول الأطراف، وحقها في مكافحة الفساد تبعا لأولوياتها الوطنية وقوانينها الداخلية، وعلى أن يتم ذلك بالاتساق مع أحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومراجع الإسناد ذات الصلة، وبما يراعي ارتباط ذلك مع المسارات التنموية والاقتصادية والسياسية في كل دولة من الدول الأطراف.

كما لفت إلى مشاركة الدول العربية في مختلف جوانب آلية استعراض التنفيذ، وترحب في هذا الإطار بإنجازات الآلية وتتطلع إلى إطلاق مرحلتها الثانية وفقا لأحكام الاتفاقية ومراجع الإسناد ذات الصلة التي تم التوافق عليها سابقا، كما تقدر المجموعة الجهود التي تقوم بها الدول الأطراف والأمانة في إطار تقييم أداء الآلية ومتابعة كافة مراحلها، وتؤكد على أهمية الحفاظ على إنجازات الآلية وضمان عدم تحولها إلى أداة لتصنيف الدول أو تقييمها وعدم النكوص عن الطابع الطوعي لمشاركة تقارير الاستعراض القطرية ومشاركة أصحاب المصلحة ذوي الصلة وفقا لأولويات الدول وقوانينها الداخلية، وأن تظل إطارا تعاونيا يهدف إلى تعزيز جهود الدول وتبادل الخبرات.

وأوضح أن المجموعة العربية تؤكد على أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة الفساد ومكافحته، لاسيما في ظل طبيعته العابرة للحدود، مما يستلزم تعزيز التعاون الدولي، على نحو يتسق مع الالتزامات بموجب أحكام الاتفاقية، ويراعي تباين قدرات الدول وخصوصياتها، ومبادئ احترام سيادتها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

وأضاف أن المجموعة تشدد على ضرورة التعاون الدولي في مجال الاستجابة لطلبات المساعدة القانونية المتبادلة لمنع جرائم الفساد وكشفها والتحقيق فيها، وتعزيز الجهود للتصدي لإفلات مرتكبي جرائم الفساد من العقوبة، مشيرا إلى أن تكثيف التعاون لمنع ومكافحة الفساد والتدفقات المالية غير المشروعة واسترداد الموجودات المصادرة وإعادتها للدول وفقا لأحكام الاتفاقية من شأنه أن يساهم في فعالية تعبئة الموارد وتمكين الدول من القضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة.

كما بين سعادته أن المجموعة العربية تؤكد على أن مكافحة الفساد مسؤولية مشتركة تقع على عاتق جميع الدول، وعلى الأهمية القصوى لتقديم المساعدة الفنية، ولذلك تشدد على ضرورة استمرار وتعزيز الدعم المقدم للدول النامية، مع التركيز بشكل خاص على الدول التي تمر بحالات نزاع وما بعد النزاع، وذلك من خلال توفير المساعدة الفنية، وبناء القدرات، ونقل التكنولوجيا، والدعم المادي والفني، بصورة مستدامة، بناء على طلب الدول المستفيدة، وبما يراعي الاحتياجات والأولويات التي تحددها.

وأشار إلى أن المجموعة العربية تحث الدول الأطراف وشركاء التنمية على المساهمة في جهود مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في هذا الصدد، وعلى مواصلة الجهود الدولية وتبادل الخبرات والممارسات الناجحة والاستفادة من المبادرات التي يتم إطلاقها تحت مظلة المكتب للمساهمة في منع ومكافحة الفساد.

  وقد عبر بيان المجموعة العربية أمام المؤتمر عن الشكر لدولة قطر على حسن التنظيم لأعمال مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، منوها برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية للدورة السابقة للمؤتمر وبأدائها المتميز طوال العامين الماضيين، ومعبرا أيضا عن الدعم الكامل  لرئيس الدورة الـ11 للمؤتمر في تأدية مهامه بنجاح، ومثمنا أيضا جهود أمانة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في الإعداد والتنظيم لأعمال الدورة الحالية.. كما أشار إلى أن المجموعة العربية تنضم في بياناتها لبيان مجموعة الـ77 والصين.