Arab News 24.ca اخبار العرب24-كندا

في يومها العالمي: اللغة العربية بين التطوير وخطر التراجع

الجمعة 19 ديسمبر 2025 07:40 صباحاً صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، تُعد اللغة العربية من أكثر لغات العالم ثراءً، إذ يتحدث بها أكثر من 330 مليون شخص
Article Information
    • Author, ياسمين شاهين
  • قبل 10 دقيقة

يوافق الثامن عشر من ديسمبر/كانون الأول من كل عام اليوم العالمي للغة العربية، وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الأمم المتحدة العربية لغةً رسمية سادسة عام 1973، إلى جانب الإنجليزية والفرنسية والصينية والروسية والإسبانية.

وخلال السنوات الأخيرة، أثار إدراج مجمع اللغة العربية عدداً من الألفاظ المتداولة في اللهجات العربية الدارجة ضمن معجم الأساليب والألفاظ جدلاً واسعاً بين المختصين، حول جدوى هذه الخطوة، ومدى إسهامها في إبقاء اللغة العربية حية وقادرة على مواكبة العصر.

ومن بين الكلمات التي أضيفت خلال عامي 2022 و2023: ترويقة (وجبة الإفطار في بعض اللهجات الشامية)، وترويسة (عنوان رئيسي يُذكر في رأس الصفحة)، وترند (موضوع أو نزعة تنتشر بسرعة خلال فترة قصيرة)، واستعبط (فعل مشتق من الصفة "عبيط")، وبرطم (التحدث بغضب وبطريقة غير واضحة)، وتحويجة (خلطة من الأعشاب تُكسب المشروب مذاقًا ورائحة مميزة).

وأوضح المجمع أن هذه الكلمات تُعد من الألفاظ الأعجمية المعربة، أي غير العربية الأصل، لكنها متداولة بقوة في الاستخدام اليومي.

عمرها قرون

تُعد اللغة العربية من أكثر لغات العالم ثراءً، إذ يتحدث بها أكثر من 330 مليون شخص، وتضم ما يزيد على 12 مليون كلمة، ما يجعلها خامس أكثر لغات العالم انتشاراً من حيث عدد الناطقين بها. كما تتمتع بقدرة عالية على الاشتقاق وتوليد المفردات.

وبحسب الموقع الرسمي للأمم المتحدة، ينتشر متحدثو العربية في المنطقة العربية ومناطق مجاورة مثل تركيا وتشاد ومالي والسنغال وإريتريا. والعربية لغة مقدسة في الإسلام، إذ لا تُؤدى الصلاة وبعض العبادات إلا بإتقان قدر منها، كما تُعد لغة شعائرية رئيسية لدى عدد من الكنائس المسيحية في المنطقة، وكتب بها كثير من أهم الأعمال الدينية والفكرية اليهودية في العصور الوسطى.

ويقول الدكتور خالد فهمي، أستاذ العلوم اللغوية بجامعة المنوفية والخبير في مجمع اللغة العربية، إن العربية لغة حية يمتد تاريخها إلى نحو 16 قرناً.

ويضيف فهمي أن اللهجات العربية المعاصرة، رغم تنوعها، تُعد امتداداً للهجات العربية القديمة التي كانت سائدة وقت نزول القرآن.

صدر الصورة، Social Media

التعليق على الصورة، مجمع اللغة العربية بالقاهرة

ثراء اللغة

يرى خبراء أن قوة اللغة لا تقاس فقط بعدد مفرداتها، بل بمدى استخدامها وقدرتها على إنتاج المعرفة.

ويقول شريف صالح، الروائي وأستاذ اللغة العربية بإحدى الجامعات الخاصة، إن إدخال كلمات جديدة يُعد من صميم عمل مجمع اللغة العربية، مشيراً إلى أن كثيراً من ألفاظ المعاجم القديمة بات مهجوراً، ما يجعل التجديد أمراً طبيعياً.

لكن صالح يلفت إلى أن المشكلة لا تكمن في إضافة الكلمات، بل في قدرتها على الاندماج في نسيج العربية الفصحى، من حيث الإعراب والاشتقاق. ويتساءل: هل يمكن اشتقاق أفعال وصيغ لغوية من كلمات مثل "ترند"؟

ويرى أن بقاء أي مفردة مرهون بمeدى استخدامها، فالكثير من المصطلحات أُدرجت ولم تجد طريقها إلى الاستعمال الفصيح.

من جانبه، يوضح الدكتور خالد فهمي أن الإفراط في الاقتراض من اللهجات الدارجة قد يعكس تراجعاً في الإنتاج المعرفي باللغة العربية، لكنه يشير في المقابل إلى مرونة العربية وقدرتها على استيعاب المصطلحات الأجنبية وتطويعها لأوزانها، مثل تحويل كلمة تليفزيون إلى تلفاز.

الجمهور

بحسب تقرير صادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)، لا تتجاوز نسبة المحتوى العربي على الإنترنت 3%، رغم الزيادة الكبيرة في عدد مستخدمي الإنترنت العرب، ما يعكس فجوة واضحة بين حجم المستخدمين وإنتاج المحتوى باللغة العربية.

ويصف شريف صالح تجربته التدريسية قائلًا إنه يشعر أحياناً وكأنه يدرّس لغة ميتة، في ظل ارتباط الطلاب القوي باللغات الأجنبية، ما دفعه في إحدى المرات للاستعانة بالذكاء الاصطناعي لتقديم النحو بأسلوب تفاعلي.

ويضيف أن العربية باتت محصورة في استخدامات محدودة، مثل الخطب الدينية وبعض البرامج الإعلامية، بينما تفتقر الأجيال الجديدة إلى معرفة رموزها الأدبية أو حتى إتقان تلاوة القرآن تلاوة صحيحة.

ويرى الدكتور خالد فهمي أن العربية أصبحت في ذيل اللغات المنتجة للمصطلحات العلمية، نتيجة تراجع الإنتاج العلمي العربي، مقارنة بفترات ازدهار الحضارة الإسلامية التي كانت العربية فيها لغة العلوم والمعرفة.

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، اللهجات العربية المعاصرة، رغم تنوعها، تُعد امتداداً للهجات العربية القديمة التي كانت سائدة وقت نزول القرآن.

سبل التطوير

يستشهد الدكتور خالد فهمي بفوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب عام 1988، معتبرًا أن أحد أسباب فوزه كان قدرته على توظيف ثراء اللغة العربية، عبر المزج بين الفصيح والدارج والتراثي.

ويرى أن على الشباب الذين يمتلكون أدوات العصر الحديثة استخدام العربية للتعريف بإنجازاتهم وإعادة الاعتبار للغة.

كما يدعو إلى سن قوانين لحماية العربية، وإلزامية إتقانها في مختلف النظم التعليمية، مع تبسيط استخدامها في الإعلام والأعمال الدرامية.

وفي الثامن عشر من ديسمبر/كانون الأول من كل عام، تحتفي منظمة اليونسكو باليوم العالمي للغة العربية، عبر ندوات وفعاليات تناقش قضايا اللغة، والتحديات التي تواجهها، خصوصًا علاقتها بالأجيال الشابة ووسائل الإعلام والتواصل الحديثة.

ورغم المخاوف، يرى كثير من الباحثين أن أزمة العربية لا تكمن في قدرتها على البقاء، بل في طريقة استخدامها، وفي الاضطراب الذي أصاب قواعدها تحت تأثير اللغات الأجنبية، لا سيما الإنجليزية.

فاللغة العربية، كما يؤكد هؤلاء، ستظل حية، لكن مستقبلها مرهون بمدى وعي مستخدميها، وبقدرتهم على التعامل معها كلغة معرفة وهوية، لا مجرد أداة تواصل.

تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير

أخبار متعلقة :