الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 05:16 مساءً لا تبدو معاناة النازحين في قطاع غزة حدثًا عابرًا أو طارئًا مرتبطًا بتقلبات الطقس، بل هي نتيجة مباشرة لتراكم منظّم من السياسات العسكرية والحصار والتجويع، حيث تتقاطع قسوة الطبيعة مع وحشية الحرب، ليجد أكثر من مليون ونصف المليون إنسان أنفسهم بلا مأوى حقيقي، وبلا حماية، وبلا أفق.
مع اشتداد المنخفض الجوي، تحولت خيام النازحين في خان يونس ومناطق واسعة من جنوب ووسط القطاع إلى مصائد للمياه والبرد. الأمطار الغزيرة والرياح العاتية وأمواج البحر لم تترك فقط الخيام غارقة، بل كشفت هشاشة ما تبقى من «حلول إنسانية» فُرضت على الفلسطينيين كبديل عن حقهم الطبيعي في السكن الآمن. أطفال ينامون في العراء، عائلات فقدت آخر ما تملك من مقتنيات، ومرضى باتوا مهددين بالموت البطيء بفعل البرد والأمراض.
لكن المأساة لا تقف عند حدود الطبيعة. فبينما كان يفترض أن يشكل وقف إطلاق النار مظلة حماية للمدنيين، استمر التصعيد العسكري الإسرائيلي في مختلف مناطق القطاع: غارات جوية، قصف مدفعي، وإطلاق نار مباشر، طال مناطق مكتظة بالنازحين في جباليا والبريج ورفح وخانيونس. هذه الوقائع لا تمثل خروقات عرضية، بل نمطًا ممنهجًا يقوض جوهر أي اتفاق تهدئة، ويعيد إنتاج الحرب بأدوات «منخفضة الوتيرة» لكنها عالية الكلفة الإنسانية.
الأرقام التي أعلنها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة – 969 خرقًا، و418 شهيدًا، وأكثر من ألف جريح منذ توقيع اتفاق وقف النار – لا يمكن التعامل معها كبيانات دعائية، بل كدلائل قانونية على انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
الأخطر من ذلك أن استمرار هذا الوضع يرسخ معادلة خطيرة: تحويل الكارثة الإنسانية إلى أداة ضغط سياسي، والنازحين إلى رهائن للابتزاز الإقليمي والدولي. وهو ما ينذر بانفجار اجتماعي وإنساني طويل الأمد، ستكون تداعياته أبعد من غزة، وأكثر كلفة على الاستقرار الإقليمي.علي أبو حبلة
كاتب فلسطيني الدستور الأردنية
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير
أخبار متعلقة :