اخبار العرب -كندا 24: الثلاثاء 30 ديسمبر 2025 06:15 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يبدو أن أكبر ألغاز تطور الإنسان، الذي ظهر قبل 15 عامًا من عظمة خنصر وردية اللون تعود إلى 60 ألف سنة، قد بدأ أخيرًا بالانكشاف خلال العام 2025.
وأشعل تحليل الحمض النووي المستخرج من الأحفورة حماس المجتمع العلمي في العام 2010، عندما كشف عن مجموعة بشرية لم تكن معروفة من قبل، كانت قد التقت وتزاوجت في الماضي البعيد مع نوعنا نحن، أي الإنسان العاقل (Homo sapiens). وأُطلق على هذه المجموعة الغامضة اسم إنسان "دينيسوفا"، نسبة إلى كهف "دينيسوفا" في جبال ألتاي بسيبيريا، حيث عُثر على عظمة الخنصر.
ورغم المعرفة الدقيقة بالتركيب الجيني لهذه المجموعة، التي يحمل ملايين البشر اليوم آثارًا منها، لم يكن العلماء يعرفون شيئًا عن مظهر إنسان "دينيسوفا"، أو أماكن عيشهم، أو أسباب اختفائهم. وقد حفّز هذا الاكتشاف، والأسئلة التي أثارها، جيلًا كاملًا من علماء الوراثة، وعلماء الآثار وعلماء الإنسان القديم.
عندما ظهرت الجمجمة إلى العلن في منطقة "هاربين"، شمال شرقي الصين، في العام 2018، بعدما كانت مخبأة للحفاظ عليها في قاع بئر لعقود، راود بعض العلماء حدسٌ بأنها قد تعود لإنسان "دينيسوفا".
فقد جرى رصد تسلسلات من الحمض النووي لهذه المجموعة في جينومات الآسيويين المعاصرين، لكن ليس الأوروبيين، ما يشير إلى أن هذه المنطقة كانت المكان الذي عاش فيه إنسان "دينيسوفا" على الأرجح.
وبالاستناد إلى شكله المميز، نسب الباحثون الجمجمة إلى نوع مكتشف حديثًا أطلقوا عليه اسم Homo longi أو "رجل التنين". وكانت عشرات أحافير إنسان دينيسوفا القليلة التي جرى تحديدها بواسطة الحمض النووي، منذ العام 2010، صغيرة جدًا ومجزأة بحيث لا تبرّر منحها اسمًا رسميًا لنوع مستقل.
وكان الحصول على حمض نووي قديم من الجمجمة، التي قُدِّر عمرها بنحو 146 ألف عام، المفتاح لفهم ما إذا كان هناك صلة بين "رجل التنين" و إنسان "دينيسوفا". لكنه تبيّن أن ذلك مهمة صعبة.
واختبر فريق تقوده تشياومي فو، عالمة الوراثة والأستاذة في معهد علم الحفريات الفقارية وعلم الإنسان القديم، التابع للأكاديمية الصينية للعلوم في بكين، ست عينات عظمية من السن الوحيد المتبقي لرجل التنين ومن العظم الصخري للجمجمة، وهو جزء كثيف عند قاعدة الجمجمة غالبًا ما يكون مصدرًا غنيًا بالحمض النووي في الحفريات. غير أن العينات لم تُسفر عن أي نتائج.
لكن فو، التي كانت في بداياتها البحثية جزءًا من الفريق في معهد "ماكس بلانك" لعلم الإنسان التطوري في لايبزيغ بألمانيا، الذي اكتشف إنسان "دينيسوفا" لأول مرة، أفادت في يونيو/ حزيران الماضي بأن فريقها تمكن من استرجاع مادة وراثية من إنسان "دينيسوفا" من مصدر غير متوقع، أي الجير السني لرجل التنين، وهي الترسبات المتراكمة على الأسنان التي قد تتصلب بمرور الوقت وتحفظ حمضًا نوويًا من الفم.
لم تكن هذه المعلومة نتيجة حاسمة تمامًا، فالمادة الوراثية التي استعادها الباحثون كانت حمضًا نوويًا مُتقدِّريّا، وهو بخلاف الحمض النووي للنواة، يُورَّث فقط عبر خط الأم، ما يقدّم صورة غير مكتملة عن الأصل الجينومي للفرد. وهذا يعني، من حيث المبدأ، أن "رجل التنين" قد يكون مزيجًا من نوعين، وهو أمر ليس بجديد.
وفي العام 2018، كشف العلماء عن عظمة متحجرة من كهف "دينيسوفا" تعود لفتاة كانت أمها من إنسان "نياندرتال" وأبوها من إنسان "دينيسوفا".
إلا أنّ الفريق استعاد أيضًا شظايا بروتينية من عينات العظم الصخري، التي، رغم أنها أقل تفصيلاً من الحمض النووي، أشارت إلى أنّ جمجمة "رجل التنين" تعود إلى مجموعة إنسان دينيسوفا.
ومعًا، فإن خطّي الأدلة هذين "بددا بعض الغموض الذي يحيط بهذه الجماعة"، وفق ما أوضحت فو لـCNN في يونيو/ حزيران الماضي، عند نشر البحث، مضيفة: "بعد 15 عامًا، نعرف أول جمجمة لإنسان دينيسوفا".
وقال كريس سترينغر، عالم الإنسان القديم وقائد أبحاث تطور الإنسان في متحف التاريخ الطبيعي بلندن، لـCNN، إنّ نتائج الحمض النووي تُرجّح أن يصبح اسم "Homo longi" التسمية الرسمية لعشرات حفريات إنسان "دينيسوفا" الأخرى .
ووافق رايان مكراي وبريانا بوبينر، وهما عالما الإنسان القديم في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي التابع لمؤسسة سميثسونيان، على ذلك، مع الإشارة إلى أن اسم إنسان "دينيسوفا" سيظل على الأرجح مستخدمًا على نطاق واسع، على غرار ما يطلق معظم الناس اليوم اسم إنسان "نياندرتال" على "Homo neanderthalensis".
قد يهمك أيضاً
وكتبا في قائمة سنوية لأبرز القصص في تطور الإنسان: "في حين لا يزال هناك المزيد من العمل المطلوب لبناء قاعدة الأدلة ومنح العلماء صورة أكثر اكتمالًا عن تشريح إنسان دينيسوفا وموائلهم وسلوكهم، فإن القدرة على ربط حفريات كاملة بالأدلة الجزيئية تمثل خطوة هائلة إلى الأمام".
ويقترح الباحثون أن تكون هناك أدلة إضافية جاهزة بانتظار التعرف عليها، ومعها قد يكون عام 2026 موعدًا لاكتشافات ثورية جديدة.
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير
أخبار متعلقة :