اخبار العرب -كندا 24: السبت 6 ديسمبر 2025 05:15 صباحاً دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- في أكبر قاع بحيرة جاف في ولاية أريزونا الأمريكية، Wilcox Playa، وقف مصور الفلك الأمريكي أندرو مكارثي بينما كانت قطارات الشحن تمر مسرعة، مهدّدة بتشويش اللقطة التي استغرق التحضير لها أشهرًا.
وقف حشود حول مكارثي في صمت متوتر في صباح أحد أيام الشهر الماضي، يراقبونه وهو يحاول ويفشل في الحصول على الصورة المثالية خلال ست محاولات لطائرة تمر فوقهم.
عاليًا في السماء، كان صديقه غابرييل براون جالسًا على حافة مقعده في الطائرة، ينتظر الإشارة للقفز.
وقال براون: "بداية، كنا نقول إذا أخفقنا في المحاولة الأولى، يمكنني الهبوط، وإعادة التجهيز، ثم الإقلاع والمحاولة مجددًا".
ومع ذلك، أعلن الطيّار أنه متاح فقط في ذلك الصباح، بحسب براون. ومع بقاء فرصة واحدة فقط قبل أن ترتفع الشمس كثيرًا، بدأ مكارثي العد التنازلي بينما ارتفعت الطائرة إلى الموقع المناسب.
مع ضيق الوقت، قال براون لمكارثي: "لا تخبرني أن أقفز ما لم تكن متأكدًا تمامًا".
وجاءت اللحظة، وعدّ مكارثي: "ثلاثة، اثنان، واحد… إقفز!"
وأثناء سقوطه، سأل براون مكارثي عبر السماعة الموصولة بهاتفه: "هل التقطتها؟"
وأخيرًا، التقطها مكارثي، أي صورة ظليّة منفردة متجمّدة أمام وجه الشمس المليء بالتفاصيل.
وقال مكارثي عن محاولته الناجحة: "لقد كانت مثالية". وأضاف: "أدركنا فورًا أننا حصلنا على صورة مميزة حقًا".
قد يهمك أيضاً
عندما كان مكارثي طفلاً، كانت غرفته مغطاة بالكواكب المتوهّجة في الظلام ومليئة بألعاب الفضاء.
وفي سنّ السابعة، كان يخرج إلى التلسكوب في الفناء الخلفي لمنزله مع والده، حيث كانا يشاهدان كوكبي زحل والمشتري.
وقد أسر المشهد خياله، كما يتذكر، حتى وإن لم يكن يفهم تمامًا ما كان يراه في ذلك الوقت.
بعد سنوات، قرر مكارثي أن يشتري تلسكوبًا آخر.
وقال: "ذلك الشعور بأنني كنت صغيرًا جدًا، إنما أيضًا مهمًّا جدًا"، مضيفًا: "كنت أقول لنفسي يا للهول أنا جزء من هذا الكون، جزء يملك من الوعي الذاتي ما يكفي ليقدّر جمال الكون، وها أنا أشهد على ذلك. لذلك أردت أن مشاركة تلك اللحظة مع الآخرين".
وبحماسة لالتقاط ذلك الشعور ونقله، وضع هاتف آيفون قديم على عدسة التلسكوب والتقط صورة ضبابية. ولعدم رضاه عنها، جمع بعض الوصلات ليربط كاميرا بالتلسكوب.
قال إن الصور لم تكن جيدة، لكنها أشبعت رغبة داخلية لديه.
التقاط الصورة شبه المستحيلةعلى مدى السنوات الست التالية، أصبحت مشاريع مكارثي أكثر تعقيدًا. فبعد تصويره صاروخًا يعبر أمام الشمس، بدأ يبحث عن تحدٍ جديد.
ولم يستقر على مشروعه التالي إلا بعد أول تجربة قفز مظلّي له، حيث قرر التعاون مع براون، وهو قافز مظلي متمرّس، لتحقيق فكرة جديدة.
وقال مكارثي: "لمعت الفكرة في رأسي بعد انتهائنا من القفز المظلي. وقلنا: ماذا لو قفز شخص من طائرة أمام الشمس؟".
كان الأمر يبدو شبه مستحيل. للحصول على اللقطة المثالية، كان لا بد أن تكون الشمس منخفضة، والقافز عاليًا، وماكارثي متموضعًا بدقة في النقطة التي ستتلاقى فيها مساراتهما.
وعندما قاد الطيّار الطائرة إلى الموقع المثالي بين الشمس والكاميرا، عملت التلسكوبات مثل المرايا وأطلقت وميضًا قويًا من ضوء الشمس، في إشارة للطيّار أن الاصطفاف كان صحيحًا.
قد يهمك أيضاً
بالنسبة لمكارثي، فإن عنوان اللقطة ليس مرتبطًا بالمأساة، بل بقوة الطبيعة مقارنة بضآلة حجمنا. فالشمس، كما أوضح، مثال كامل على قوة لا يمكننا التحكم بها، ومهما فعلنا، فهي تستمر في الاحتراق.
وتحكي أسطورة إيكاروس عن شاب هرب من السجن مع والده دايدالوس بالطيران مستخدمًا أجنحة مصنوعة من الريش والشمع.
وقبل انطلاقهما، حذّر دايدالوس ابنه من الطيران عاليًا حيث يمكن لحرارة الشمس أن تذيب الشمع، ومن الطيران منخفضًا حيث قد يُبلّل رذاذ البحر الأجنحة فتصبح ثقيلة وغير قادرة على التحليق.
لكن إيكاروس، وقد استحوذت عليه نشوة الطيران، تجاهل التحذير وصعد إلى أعلى فأعلى، حتى أضعفت الشمس الشمع وأرسلته في سقوط حر في البحر. أصبح هذا الجسد في الأساطير رمزًا لطموح الإنسان وحدوده.
ويقول براون إن الصورة تعد "شهادة على إنجازات الإنسان، ولكن أيضًا على غروره".
لكن الفن لا يحدده المبدعون وحدهم. ويقول ماكارثي: "أفضل أن أرى ما الذي يشعر به الناس عندما ينظرون إليها".
جدل استخدام الذكاء الاصطناعيمن جانبه، رأى كونور ماثيرن، مصوّر فلكي زميل عمل مع مكارثي في مشروع سابق، الصورة المنشورة وعرف فورًا: "لقد فعلها مجددا. هذه صورة مذهلة أخرى، تدفع بالحدود إلى أقصاها".
وأضاف أن أعمال مكارثي تعد رفعًا لمستوى المصورين الفلكيين، إذ تلهم الآخرين لمحاولة تحقيق ما يبدو مستحيلًا.
لكن مكارثي لفت إلى أن جزءا كبيرا من النقاش الدائر على الإنترنت حول صورته شكك في مصداقيتها، وهو تحدٍ يواجهه العديد من المصورين الفلكيين مع تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي وأدوات التحرير المتقدّمة.
متوقّعا حدوث هذا الشك، صوّر مكارثي لقطات من خلف الكواليس أثناء التحضير لالتقاط الصورة. كما نشر تفاصيل عمله في مرحلة ما بعد الإنتاج باستخدام تقنية تكديس الصور، وهي محاذاة ودمج آلاف الإطارات لتحسين وضوح تفاصيل الشمس وتقليل التشويش.
وعلّق ماثيرن: "قد يكون الأمر محبطًا أن تقضي 40 ساعة على صورة ليأتي من يرفضها باعتبارها مزيفة".
لكن بالنسبة لماثيرن ومكارثي، فإن المتعة الحقيقية تكمن في التقاط ومشاركة لحظات حقيقية تكشف عن الجمال الخفي للكون.
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير
أخبار متعلقة :