الاثنين 15 ديسمبر 2025 11:17 مساءً صدر الصورة، Getty Images
قبل 16 دقيقة
غالباً ما تتحول ساعات الدراسة، ولا سيما خلال فترة الامتحانات، إلى اختبار حقيقي لصبر الأهل ولعلاقتهم بأطفالهم، إذ يجد كثيرون صعوبة في التعامل مع تشتت انتباه أولادهم وعدم قدرتهم على حفظ المعلومات أو إنجاز الفروض المنزلية.
وتؤثر مجموعة من العوامل في نمو أدمغة الأطفال، أبرزها التشتيت الرقمي، وقلة النوم، والتوتر والقلق، إضافة إلى الضجيج. ويفاقم ذلك سوء التغذية مع انتشار الوجبات السريعة والسكريات والأطعمة المصنعة.
كما تشير بعض الدراسات إلى أن قلة النشاط البدني، وعدم اتصال الأطفال بالطبيعة، وكثرة المعلومات والواجبات المدرسية غير الممتعة، تؤثر سلباً في مستويات التركيز والتعلم لديهم.
للبحث عن إجابات عملية وسط هذا القلق اليومي، توجهنا إلى معالجة نفسية متخصصة في شؤون الأطفال، وسألناها عن خطوات بسيطة يمكن للأهل اعتمادها لمساعدة أطفالهم على التعلم والحفظ بطريقة أكثر فاعلية.
وتوضح علا خضر، في حديثها لبي بي سي عربي، أنه رغم امتلاك كل طفل أسلوبه الخاص والمفضل في التعلم، فإن فهم آلية عمل الدماغ واتباع خطوات مثبتة علمياً يمكن أن يُحدث فرقاً ملموساً، ويساعد جميع الأطفال على تحسين قدرتهم على تلقي المعلومات وحفظها.
1- في الإعادة، إفادة
تؤكد علا خضر أن "في كل مرة نعيد فيها المعلومات التي نريد حفظها، نزداد استفادة". وتشير إلى أن بعض الأهل يتوقعون من الطفل حفظ المعلومات المطلوبة لامتحان الإملاء أو الاستظهار قبل يوم واحد فقط من الامتحان، وهو أمر تصفه بأنه صعب جداً على الطفل.
وتوضح: "التعلّم الناجح يقوم على التكرار، والأفضل أن يكون هذا التكرار موزعاً على فترات زمنية".
وتشرح قائلة: "يستحسن البدء بحفظ المعلومات قبل أربعة أو خمسة أيام من موعد الامتحان، مع إعادة مراجعتها يومياً إلى أن يحين اليوم المنتظر".
2- إشراك أكبر عدد ممكن من الحواس
أثبتت الدراسات، بحسب علا خضر، أنه "كلما قمنا بإشراك عدد أكبر من الحواس في عملية التعلم، كان التعلم أسرع وأفضل"، إذ "عندما نقرأ ونسمع ونكتب أو نرسم، نساعد دماغنا على حفظ المعلومة بشكل أفضل".
ولذلك تنصح الأهل مثلاً بالطلب من الطفل رسم جدول أو مخطط بياني يضم المعلومات المطلوبة. وتفسر خضر أن ذلك يهدف إلى إشراك حاسة النظر بطريقة مختلفة وسهلة وممتعة، مشيرة إلى أن هذه الطريقة مفيدة للأطفال الأصغر سناً الذين يتعلمون الأرقام حديثاً، وكذلك للأطفال الأكبر سناً الذين يتعلمون الجمع والطرح والضرب والقسمة.
وتوضح أن بعض الأطفال قد يفضلون رؤية هذه المعلومات ملونة، فيما يفضل آخرون مشاهدتها مشروحة عبر مقاطع فيديو، بينما يفضل بعضهم سماعها عند قراءتها. وتضيف: "لكن بشكل عام، كلما أدخلنا عدداً أكبر من الحواس في عملية التعلم، كانت النتيجة أفضل".
وتضيف خضر أنه مع توفر تطبيقات الذكاء الاصطناعي اليوم، أصبح بإمكان الأهل إنتاج ألعاب أو رسومات أو جداول تتضمن المعلومات المطلوبة بسهولة، وطلب من الطفل تطبيقها أمامهم. كما يمكن للأطفال الأكبر سناً الاستعانة بهذه التطبيقات لشرح المعلومات أو رسمها بطريقة مبسطة، ما يساعدهم على فهمها بشكل أفضل.
صدر الصورة، Getty Images
3- شرح المعلومات لشخص آخر
ترى الأخصائية النفسية أن من أنجح أساليب التعلم أن يشرح الطفل المعلومات التي يرغب في حفظها بنفسه لشخص آخر.
فهذه العملية تتطلب منه فهماً كاملاً لتفاصيل المعلومة قبل نقلها، ما يدفعه إلى طرح الأسئلة على نفسه والبحث عن الإجابات التي تساعده على استيعابها.
وبحسب علا خضر، يمكن للطفل خلال هذه العملية الاستعانة بالرسومات أو الجداول أو الألوان لتسهيل الشرح.
وتقول: "في اللحظة التي يتمكن فيها الطفل من شرح المعلومة بنجاح لشخص آخر، يكون قد أتم تعلمها بالكامل".
4- ربط المعلومات بأمور حياتية أو شخصية
تؤكد خضر أن كلما كانت المعلومات التي يطلب من الطفل حفظها وفهمها أقرب إلى أمور وتجارب حياتية عامة أو شخصية، كان تعلّمها أسهل.
وتنصح الأهل بمحاولة تقريب المفاهيم في مواد مثل علم الأحياء والكيمياء والأدب من ذهن الطفل، من خلال أمثلة من الحياة اليومية يمكنه ربط المعلومات التي قد تبدو مبهمة بها.
صدر الصورة، Getty Images
5- الدرس في بيئة ملائمة
تقول علا خضر إن البيئة التي يعيش فيها الطفل مهمة جداً لنجاح عملية التعلم، إذ يجب أن "يتناول طعاماً جيداً، وينام بشكل كاف، وألا يعاني من نقص في الفيتامينات الأساسية".
كما تشدد على أن "المكان الذي يدرس فيه يجب أن يكون هادئاً بما يكفي وخالياً من المشتتات ومصادر الإلهاء". وتشير إلى أن الأهل، في كثير من الأحيان، يدرسون الطفل إلى جانب أشقائه أو بوجود أشخاص آخرين في الغرفة، ما يصعب عليه التركيز وحفظ المعلومات بشكل كبير.
6- مساعدة الطفل على إيجاد أسلوب التعلم الأنسب له
تقول خضر إنه لا يجب أن ننسى أيضاً أن "كل طفل مختلف عن الآخر، فهناك أطفال يفضلون رؤية الأشياء لتذكرها، بينما يفضل آخرون كتابتها بخط اليد أو سماعها".
وبحسب الأخصائية النفسية، من المهم جداً "أن يساعد الأهل طفلهم على إيجاد أسلوب التعلم الأمثل له، إذ قد تكون طريقة الأستاذ أو المعلمة في شرح المعلومة مختلفة عن الطريقة الأنسب للطفل، حتى وإن كانت مفيدة لأطفال آخرين".
وتشير إلى أن بعض الأطفال يفضلون الحركة أو المشي أثناء محاولة حفظ معلومة معينة، فيما يفضل آخرون كتابتها على شكل نقاط، أو تلوينها، أو تنظيمها ضمن جداول. وعلى الرغم من أن جميع هذه الأساليب قد تساعد الأطفال عموماً على حفظ المعلومات بشكل أفضل، إلا أن "لكل طفل طريقة مفضلة أكثر من غيرها في التعلم".
ولذلك، توضح الأخصائية أن "علامات الطفل المدرسية قد لا تتحسن أحياناً، رغم استعانة الأهل بمدرس خاص، لأن المدرس يعتمد أسلوباً تعليمياً يناسبه هو، لا الأسلوب الذي يتوافق مع طريقة التعلم الخاصة بالطفل".
صدر الصورة، Getty Images
7- تغيير شعور الطفل تجاه عملية التعلم
تشير الأخصائية النفسية، في حديثها لبي بي سي عربي، إلى أن من أحد العوامل الجوهرية في عملية التعلم هو شعور الطفل تجاه الدروس والفروض المطلوبة منه. فبحسب خضر، يجب أن "يشعر الطفل بإيجابية تجاه المدرسة بشكل عام، والتعلم، وتجاه قدراته هو".
وتضيف أننا "عندما نركز على مستوى قدرات الطفل، ونشجعه، ونمنحه الثقة، ونساعده على بناء صورة إيجابية عن نفسه في المدرسة، فإننا نساعده أيضاً، بطريقة غير مباشرة، على بناء علاقة جيدة مع الأساتذة المسؤولين في نهاية المطاف عن تقديم المعلومة له".
وترى خضر أن من المهم جداً أن يكون شعور الطفل تجاه المدرسة والتعلم إيجابياً، لا أن ينظر إليه على أنه "قصاص أو فرض سلبي"، وهو أمر لا ينتبه له كثير من الأهل. وتوضح أنه ينبغي أن يشعر الطفل بأن "عملية التعلم قد تكون صعبة أحياناً، لكنها في النهاية تعلمه، وتطوره، وتمكنه من إثبات قدراته".
كما تنصح الأهل بتقسيم المعلومات التي على الطفل تعلمها أسبوعياً بطريقة لا تسبب له التوتر أو الإحباط.
وتقول: "يمكن البدء في الجدول الأسبوعي المخصص للدراسة بفروض حفظ أو مسائل من المستوى السهل، ثم الانتقال تدريجياً إلى الأمور الأكثر صعوبة، مع ضرورة إدخال دروس ومسائل سهلة بين الموضوعات الأصعب على مدار الأيام، لجعل عملية التعلم أسهل وأكثر متعة وأقل ضغطاً قدر الإمكان".
وتضيف أن على الأهل مكافأة الطفل دائماً، ولو بكلمات إيجابية بسيطة مثل "أحسنت"، أو "أنت ذكي"، أو "أنت رائع"، لأن هذه العبارات تشجعه على بذل مزيد من الجهد من دون شعور بالتعب أو فقدان الرغبة.
ماذا عن التوتر المزمن؟
صدر الصورة، Getty Images
تؤكد خضر أنه في حال كان الطفل يعيش في بيئة يسودها الكثير من القلق أو الخوف، فإن تعلمه سيتأثر حتماً.
وتشرح قائلة: "في مثل هذه الحالات، يمنح الدماغ الأولوية لغريزة البقاء على قيد الحياة، لا لعملية التعلم. ونحن نتحدث هنا عن أجواء تتضمن مشكلات عائلية سلبية من أي نوع كانت".
وقد أكدت دراسات عديدة وجود تأثير تراكمي للتوتر والقلق والخوف المستمر لدى الأطفال، ينعكس على صحتهم العقلية والجسدية ورفاهيتهم، مع عواقب قد تستمر مدى الحياة.
ومع ذلك، أظهرت الأبحاث أن توفير الدعم العاطفي اللازم لهؤلاء الأطفال من قبل ذويهم في مراحل مبكرة من حياتهم يمكن أن يساعد على تقليل هذه التأثيرات السلبية أو منعها، بل وحتى عكسها في بعض الحالات.
ماذا عن صعوبات التعلم؟
تقول خضر إنه في حال كان ك ما تكلمنا عنه سابقاً مأخوذ في عين الاعتبار ومتوفر، وكان الطفل لا زال يعاني من عدم القدرة على التركيز أو من نسيان للمعلومات، "فعلى الأهل هنا التحقق من إمكانية معاناة الطفل من حالة تتسبب بصعوبات في التعلم، كي يؤمّنون لطفلهم الدعم المناسب لحالته ومساعدته في عملية التعلم وتطوير المهارات".
وتشمل صعوبات التعلم اضطرابات تؤثر في طريقة فهم المعلومات أو معالجتها، من دون أن تكون مرتبطة بمستوى الذكاء. ومن أبرزها عسر القراءة، وعسر الكتابة، وعسر الحساب، إضافة إلى اضطراب نقص الانتباه مع أو من دون فرط الحركة. ويساعد التشخيص المبكر في توفير الدعم المناسب وتحسين قدرة الطفل على التعلم.
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير
أخبار متعلقة :