❖ غزة - ريما محمد زنادة
لم تستهدف الحرب على قطاع غزة البشر فحسب؛ بل استهدفت أيضا تاريخ وحضارة امتدت لمئات السنوات في غزة، وذلك من خلال تدمير أكثر من (300) موقع أثري ومعالم تاريخية تمتد لعصور مختلفة، والتي كان من أبرزها المسجد العمري الممتد على مساحة تقارب (4100) متر مربع، والذي يعد أقدم وأعرق المساجد إذ يحتوي على مكتبة تم استهدافها تحتضن كتبا ومجلدات نادرة يزيد أعمارها على مئات السنين، وهذا التدمير لحق به سوق القيسارية الأثري الملاصق به.
كما طال القصف جامع كاتب ولاية الذي تم بناؤه بالعصر المملوكي في منطقة الزيتون، الأمر الذي يؤكد على حرب الإبادة الدينية والحضارية. وفي مكان ليس ببعيد استهدف التدمير قصر الباشا الذي كان معلما تاريخيا ومتحفا يضم (17) ألف قطعة أثرية سرقها الاحتلال خلال العدوان على غزة، فضلا عن العديد من الأماكن التراثية والثقافية التي تعود لحقب تاريخية متنوعة منها: العصور الإسلامية، والبيزنطي والروماني والعثماني، وغيرها.
وأكد رئيس مركز التاريخ الشفوي والتراث الفلسطيني في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة، ان استهداف هذه المعالم لا يمكن فهمه إلا بوصفه استهدافًا للهوية ذاتها، ومحاولة لاقتلاع الذاكرة من جذورها المكانية، تمهيدًا لإعادة كتابة الرواية من منظور القوة المحتلة.
ولفت إلى أن تدمير المعالم كمحوٍ جغرافي للتاريخ اعتمد فيه الاحتلال الإسرائيلي، في حربه على غزة، نمطًا واسعًا من التدمير طال المواقع الدينية والتاريخية، والأحياء القديمة، والبنية العمرانية المتجذرة في تاريخ المدينة، وهذا التدمير لا يهدف فقط إلى إيقاع أكبر قدر من الخسائر المادية، بل يسعى إلى محو الشواهد التي تثبت عمق غزة التاريخي.
وعبر، عن رفض أي خطة لإعمار قطاع غزة لا تنطلق من الحفاظ على الذاكرة المكانية والهوية التاريخية للمدينة فإعادة البناء يجب ألا تقتصر على توفير مساكن وبنى تحتية، بل ينبغي أن تشمل إعادة إعمار جميع المباني التاريخية والأثرية والدينية، وفق أشكالها العمرانية الأصلية، وبالاستناد إلى الأرشيفات والصور والخرائط المتوافرة.
ولفت، إلى أن حماية معالم غزة، وإعادة إعمارها وفق شكلها التاريخي، ليست مسألة جمالية أو تراثية، بل فعل مقاومة، وصون للهوية، ودفاع عن الحق في التاريخ، في مواجهة مشروع استعماري يسعى إلى تحويل المكان إلى فراغ بلا ذاكرة.
اقرأ المزيد
مساحة إعلانية
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير
أخبار متعلقة :