حوار : جـابــر الحـرمـي - حسن حاموش / تصـوير: محمد فرج
■ أطلقنا مسمى سمو الأمير على مستشفى الكرينتينا الحكومي تقديراً لجهوده
■ قطر تبادر بدون طلب لدعم لبنان سياسياً ودبلوماسياً وإغاثياً ومعنوياً
■ رئيس الحكومة سيفتتح مختبر الابتكار الذي أسسته في لبنان قريباً
■ قطر قدمت للبنان الخطة العملية لكيفية تشغيل مختبر الابتكار الحكومي
■ نتعاون مع ديوان الخدمة المدنية لتدريب الكوادر اللبنانية في الوظائف العامة
■ إسرائيل مستمرة في عدوانها ونضع انتهاكاتها لسيادة لبنان برسم المجتمع الدولي
■ قطر نجحت بشكل مبهر في هيكلة الخدمات عبر مختبر الابتكار في ديوان الخدمة
■ لا أحد يمكنه تجاوز الأطر الدستورية في المفاوضات مع إسرائيل
■ توجد رغبة جدية لبنانية سورية لفتح صفحة جديدة من العلاقات السيادية
■ نستند في المفاوضات إلى قوة الدعم العربي والخليجي والوحدة بين اللبنانيين
■ المشاريع المطروحة للاستثمارات القطرية في لبنان تقدر بحوالي 8 مليارات دولار
■ نقتبس التجربة القطرية في ديوان الخدمة بإعادة هيكلية الخدمات بنجاح
■ حكومتنا ورثت تركة ثقيلة من ملفات الفساد وتآكل البنى التحتية وضعف الإدارة
■ الرئيس سلام يجري اتصالات لبلورة الصيغة المناسبة والبديل الأفضل لليونيفيل
■ لا يمكن استعادة ثقة المستثمرين بدون إصلاح القطاع المصرفي وتعافيه
■ نعيد تكوين قطاعات إدارات الدولة على أسس حديثة وليس إعادة ترميمها
■ الشغور في الإدارات فرصة ذهبية يعفينا من إنهاء خدمات آلاف الموظفين
■ التحول الرقمي يطور الإدارة في مؤسسات الدولة ويكافح الفساد
■ نعمل حالياً على مشروع البنية التحتية للتحول الرقمي رقمنة الخدمات
■ نسعى إلى المداورة في الوظائف العليا بحيث لا تكون حكرا على طائفة واحدة
■ 2500 خدمة تقدمها إدارات الدولة اللبنانية 70 % ما زالت تعمل ورقياً
■ الدول الكبيرة تعجز عن تحمل التحديات والملفات العالقة التي ورثناها
■ إعادة الودائع في رأس أولويات الحكومة ولا تراجع عنها
■ الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يفتح لنا الأبواب لجذب الاستثمارات والمساعدات
■ قطر دعمت الجيش اللبناني وحافظت على تماسكه وقدراته في أصعب الظرو
التحديات السياسية والأمنية التي يشهدها لبنان تحجب خلفها ملفات بالغة الأهمية في مجالات البنى التحتية والخدمات العامة وإدارات مؤسسات الدولة التي تراكم فيها الإهمال ولم يتم تحديثها منذ أكثر من نصف قرن، مما يجعل التعامل معها يتطلب جهودا جبارة وكفاءات عالية وربما استثنائية ولعل الحكومة اللبنانية نجحت في اختيار شخصية مميزة وقادرة على وضع الخطط اللازمة لتلك الملفات هو الدكتور فادي مكي وزير الدولة للتنمية الإدارية، الذي يعتبر أحد رواد الاقتصاد السلوكي وتطبيق نظرية النادج (Nudge) على السياسات العامة في الشرق الأوسط. مدير وحدة العلوم السلوكية في اللجنة العليا للمشاريع والإرث. وتم اختياره في عام 2021 من قبل منتدى الاقتصاد العالمي ضمن 50 شخصية عالمية أكثر تأثيراً في مجال إدارة التغيير.
في حواره مع الشرق تحدث بصراحة وكشف الكثير عن تراكم الإهمال في الإدارات العامة للدولة اللبنانية وخططه الطموحة للنهوض بها لمواكبة العصر الرقمي مقتدياً بالتجربة القطرية في إعادة هيكلة الخدمات، كاشفاً عن تعاون مع ديوان الخدمة المدنية لتدريب كوادر الموظفين، معلنا أن قطر ساهمت بتزويد لبنان بالخطة التشغيلية لمختبر الابتكار الذي أسس في وزارة التنمية الإدارية وسيتم افتتاحه قريبا من قبل رئيس الحكومة نواف سلام.
يتحدث الوزير مكي عن قطر بكثير من الحب خصوصاً وأنه عمل في الدوحة وعاش فيها فترة طويلة، ويقول ان قطر سباقة بدعم لبنان وتقديم المساعدات في مختلف المجالات، مشيرا الى أن قطر لا تحتاج الى تقديم طلب مساعدة من لبنان، لأنها تبادر قبل الطلب وتساهم سواء في الوساطة السياسية والدبلوماسية أو من خلال تقديم المساعدات الاغاثية للشعب اللبناني ودعم الجيش والحفاظ على تماسكه وقدرته في أداء مهامه في أصعب الظروف. كاشفا ان المشاريع المطروحة للاستثمارات القطرية في لبنان تقدر بحوالي 8 مليارات دولار.
ويؤمن الوزير مكي أن قوة لبنان عودته الى العمق العربي وفي وحدته الوطنية التي يمكن استخدامها في طاولة المفاوضات بين لبنان وإسرائيل، مؤكدا ان الرهان على المجتمع الدولي والدول الشقيقة لردع إسرائيل وكبح جماح عدوانها المستمر على سيادة لبنان برا وجوا وبحرا.
ويعترف الدكتور مكي ان الحكومة اللبنانية ورثت تركة ثقيلة من ملفات الفساد وتآكل البنى التحتية وضعف الإدارة، وهي تركة تعجز عن تحملها الدول الكبيرة، لكن الحكومة تحولت الى ورشة عمل مستمرة لوضع خطط الإصلاحات والاولويات في الملفات وعلى رأسها إعادة الودائع وإصلاح القطاع المصرفي الذي يشكل تعافيه بوابة لاستعادة ثقة الدول والمستثمرين. أما التحدي الكبير فيكمن بإصلاح الإدارة العامة والتي لم يتم تحديثها من 65 عاما، كاشفا ان نسبة الشغور في إدارات مؤسسات الدولة بلغت 75%، معتبرا ان ذلك بمثابة فرصة ذهبية حيث سيتمكن من التطوير بدون إنهاء خدمات الاف الموظفين، وسيتم ملء الشواغر وفقا للمسميات الجديدة للوظائف التي يتطلبها العصر الرقمي، مؤكدا أن استكمال خطط التحول الرقمي في لبنان يقضي على الفساد.
وفي الحوار الذي أجرته الشرق مع الدكتور مكي الكثير من التفاصيل والمعلومات التي يكشف عنها لأول مرة. وهنا نص الحوار:
• الانتهاكات الإسرائيلية
◄ من الطبيعي ان يحضر السؤال عن الوضع في الجنوب والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، متى يتوقف التصعيد وينفذ وقف اطلاق النار؟
لبنان قام بتنفيذ جميع بنود اتفاق وقف النار ولم تطلق طلقة واحدة من لبنان فيما إسرائيل مستمرة في عدوانها بدون رادع ويكاد لا يمر يوم واحد بدون عدوان إسرائيلي حيث سجلت قوات اليونيفيل في تقاريرها مئات الخروقات والانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا. ونضع هذه الانتهاكات برسم المجتمع الدولي ونحن نستخدم كامل الجهود الدبلوماسية للضغط على إسرائيل.
• الرهان على المجتمع الدولي
◄ الرهان على المجتمع خذل الجميع، فهل يمكن ان ينجح لبنان بوقف العدوان من خلال المجتمع الدولي؟
لا يمكننا في لبنان وقف الرهان على المجتمع الدولي على ان يقترن ذلك مع الوحدة الداخلية باعتبار ان وحدة الموقف بين اللبنانيين عنصر قوة بالغة الأهمية. وهذا ما نسعى اليه وقد تمت الإشارة له في خطاب القسم وفي البيان الوزاري الذي وافقت عليه كل الأطراف واقر في مجلس النواب من خلال الثقة التي منحت للحكومة.
• القوة الدبلوماسية
◄ يؤخذ على الحكومة اللبنانية انها لم تستخدم القوة الدبلوماسية بشكل كامل حيث نشاهد الوفود الأجنبية تحضر الى لبنان لتملي شروطها ومطالبها فيما لبنان ليس لديه خطة دبلوماسية؟
نحن نستعيد موقعنا سواء بالمحيط العربي بعد فترة من الجمود وعدم التناغم. لكن الان تمكننا من استعادة التواصل والتكامل بين لبنان وعمقه العربي وهذا يعود الى قيادة لبنان بدءا برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء الذين عملوا على ترسيخ العلاقات واواصر الاخوة مع الدول الشقيقة وخصوصا العلاقات مع دول الخليج. ونحن نسعى الى الاستفادة من عمق العلاقات العربية وخصوصا الخليجية الى تحصين لبنان وحمايته بوجه التغول الإسرائيلي.
• الموقف العربي حصانة وضمانة
◄ هل تعتقد ان الحضن العربي قادر على لجم العدوان الإسرائيلي ؟
لدينا قناعة راسخة ان الموقف العربي يمثل ضمانة وحصانة تكبح جماح العدوان الإسرائيلي. وكما تلاحظون قطر لم تغب يوما عن لبنان فالوفود القطرية مستمرة بزيارة بيروت وكذلك السعودية والتي حرصت على الحضور الكثيف في مؤتمر الاستثمار في بيروت وكذلك الوفود الكويتية الى جانب عودة تنشيط العلاقات الدبلوماسية مع الامارات حيث تم تعيين سفير وأيضا لا ننسى البحرين وسلطنة عمان التي زارها رئيس الجمهورية زيارة دولة.
• صفحة جديدة مع سوريا
◄ اين وصلت العلاقات اللبنانية السورية ؟
العلاقات متطورة باستمرار وهي على افضل ما يرام حيث الزيارات لم تنقطع بين البلدين وعلى اعلى المستويات وكان اخرها اللقاء بين الرئيس السوري احمد الشرع ورئيس الحكومة نواف سلام على هامش منتدى الدوحة. وكان اللقاء مثمرا ومفيدا للبلدين. وتوجد رغبة لدى البلدين لفتح صفحة جديدة من العلاقات ضمن الأطر السيادية ومعالجة الملفات العالقة.
• لا تنازلات في المفاوضات
◄ هل يتعرض لبنان الى ضغوط للتنازل عن حقوقه والقبول بالشروط الإسرائيلية ؟
مهما كانت الضغوط. الدستور اللبناني واضح وخطاب القسم واضح والبيان الوزاري حدد جميعها تحدد الأطر التي يقوم عليها التفاوض ولا احد يمكنه تجاوز هذه الأطر. ونحن مازلنا في بداية المفاوضات والمؤشرات تؤكد ان لا تنازل عن الأطر المحددة. كما ان المفاوضات لن تتحول الى اتفاقات إبراهيمية او تطبيع. ونحن نلتزم بالسقف الذي حددته مبادرة السلام العربية في بيروت عام 2002 التي حددت الأرض مقابل السلام.
• قوة الموقف في الوحدة الوطنية
◄ ما الاوراق التي يستخدمها لبنان على طاولة المفاوضات مع اسرائيل ؟
نحن دولة صغيرة وخيارنا التمسك بالمرجعيات الدولية والقرارات الدولية التي تشكل اطارا يحمي حقوق لبنان امام المجتمع الدولي. وكذلك نستخدم العلاقات الودية التي تربط لبنان مع الدول العربية والخليجية التي تمثل عمقنا العربي وتبقى وحدتنا الداخلية الورقة الاهم التي يستخدمها لبنان في التفاوض مع طرف متغول يستسهل انتهاك سيادة لبنان. نحن امام مرحلة معقدة تتطلب وحدة وطنية لاجتيازها بسلام.
• البديل لقوات الونيفيل
◄ ما خططكم البديلة لملء الفراغ بعد انتهاء عمل قوات اليونيفيل الدولية في الجنوب ؟
حاليا يقوم الرئيس نواف سلام باجراء اتصالات مع عدد من الجهات المعنية لبلورة الصيغة المناسبة والبديل الافضل وهناك عدة طروحات منها قوات مراقبة وافكار وكلها تندرج تحت مظلة اممية او دولية. ومهما كانت الصيغة يبقى الاساس عندنا ان تكون القوة البديلة تحت غطاء اممي.
• قطر سباقة في دعم لبنان
◄ لماذا لم يطلب لبنان تدخل الدول الصديقة أمثال قطر لإدارة هذا الملف المعقد ؟
قطر سباقة دائما لعرض مساعيها. وهي دائما حاضرة لتقديم المساعدة سواء من خلال دبلوماسية الوساطة او من خلال الدعم السياسي او من خلال الدعم المادي واللوجستي والاغاثي وإعادة الاعمار. وكذلك لا ننسى وقوفها الى جانب الجيش اللبناني ودعمه في اشد الظروف. ولذلك فان طبيعة العلاقة المميزة بين لبنان وقطر تجعل لبنان لا يحتاج الى طلب المساعدة لأن قطر تبادر بدون طلب وهي سباقة دائما في كل شيء. وأيضا حاليا نحن موجودون في قطر وستكون لدينا زيارات تقنية بخصوص ملفات تتعلق بالطاقة والاستثمارات والكهرباء والغاز والشحن في المرفأ وقطاعات حيوية وبنى تحتية.
• استثمارات مشتركة
◄ هل تقدمتم بمشاريع استثمارات مشتركة ؟
في مؤتمر بيروت 1 للاستثمار كان هناك عرض لمشاريع البنى التحتية التي تحتاج الى تمويل ونقصد التمويل على اسس تجارية وشراكة بين دول. وقيمة المشاريع المتداولة للاستثمار في كافة القطاعات حوالي 8 مليارات دولار. وكل هذه المشاريع متاحة للشراكة مع قطر.
• تركة ثقيلة وحمل كبير
◄ البعض يأخذ على الحكومة عدم وجود اولويات تجاه الملفات غير السياسية حيث ازمات البنى التحتية والخدمات في المؤسسات الحكومية والودائع. هل لديكم خطة بالاولويات؟
حقيقة انها تحديات كبيرة وتعجز الدول الكبيرة عن تحملها. وهي في واقع ارث ورثناه من الحكومات المتعاقبة على مدى عقود. انها تركة كبيرة عدم اصلاحات وفساد وتآكل البنى التحتية وضعف الادارات وغيرها انها صدق تركة ثقيلة وحمل كبير.
• أولويات الحكومة
◄ ربما قد تقع الحكومة الحالية في نفس الخطأ الذي وقعت فيه الحكومات السابقة وهي اعطاء الاولوية للملفات السياسية على حساب ملفات التنمية؟
توجد لدينا مسلمات وهي على رأس الاولويات منها اعادة الودائع ولا تراجع عنها. حيث قمنا باعداد مشروع قانون لارساله الى مجلس النواب لمناقشته واقراره وذلك بالتوازي مع اصلاح القطاع المصرفي. وهذه نقطة مهمة حيث ان النهضة الاقتصادية والتنمية ومشاريع الاستثمار لا يمكن ان تنطلق بدون قطاع مصرفي متعافٍ يعمل وفق اسس جديدة واصلاحات جذرية ومعايير دولية وحوكمة سليمة وبذلك نستعيد ثقة المستثمرين ورجال الاعمال والدول الشقيقة والصديقة.
وهذه الملفات لا يمكن حلها بكبسة زر ولا عبر الذكاء الاصطناعي. هذه الملفات المتراكمة في مختلف القطاعات تحتاج الى عصف ذهني ومداولات تقوم بها الحكومة وفرق مختصة ويشرف عليها شخصيا دولة الرئيس سلام بما لديه من خبرة.
• دولة المؤسسات والقانون
◄ اللبنانيون يتطلعون الى قيام دولة المؤسسات فهل ستحقق الحكومة هذا الطموح ؟
لقد اخترنا ان نسمي حكومتنا حكومة الاصلاح والانقاذ. فالاصلاح هو الاولوية الاولى بكافة العناوين نحن اشرنا الى ملف صغير وهو الودائع والمصارف. هناك ملف المالية العامة وهو ملف كبير جدا وقد نجحت سياستنا في هذا المجال بان تمكنا من تحقيق فائض في الموازنة لأول مرة منذ سنوات حيث كانت الموازنة تصاب بالعجز وهذه السياسة المالية مكنتنا من بناء برنامج مع صندوق النقد الدولي. ولذلك نحرص على التعافي المالي وضبط المصروفات والانفاق وقدرة على هيكلية الديون ضمن خطة متوسطة المدى ضريبية. والوصول الى توافق مع صندوق النقد لجهة الانضباط في المصروف والانضباط في الانفاق يفتح لنا الابواب امام جذب المساعدات والاستثمارات. لأن صندوق النقد بمثابة رسالة طمأنة الى الدول والمستثمرين بان هذا البلد يسير وفق اسس سليمة في الحوكمة والشفافية والانضباط. وبالتالي توقيع صندوق النقد على برنامج مع لبنان يعطي ثقة للممولين دولا وافرادا بمستقبل لبنان.
• ورشة حكومية للإصلاحات
◄ هذه الثقة بحاجة الى تطوير التشريعات وتعزيز الاصلاحات كيف سيتم ذلك ؟
نحن نعمل في الحكومة كورشة عمل متكاملة على صعيد الاصلاحات. ولكن نتكلم عن ذلك نحن نعمل اكثر مما نتكلم. وسوف اتحدث الان عن نقطة واحدة وهي ضعف الادارة العامة وما اصابها من وهن واهتراء بسبب تراكم الاهمال بالمؤسسات العامة.
معظم المؤسسات الحكومية تفتقد الى العنصر البشري. منذ سنوات لم نوظف موظفا واحدا في الوظائف العامة باستثناء الفئة الاولى التي تعتبر ضمن صلاحياتي واختصاصي. واؤكد ان الانطباع بأن القطاع العام منتفخ لم يعد صحيحا. فقد بلغت نسبة الشغور بالقطاع العام نسبة 75 %. وبالتالي فان ادارات الدولة تعمل بنسبة 25% فقط من القوى العاملة. ولذلك نعيش تحديات بمعنى الكلمة.
وليس لدينا الوقت لنركز على عرض ما نقوم به عبر الاعلام. نحن لدينا نقص كبير في القوى العاملة ولدينا عمل كثير يجب ان نقوم به. واشير هنا الى ان اخر مرة حصل فيها تنظيم لادارات الدولة كان في اواخر الخمسينات مع بداية الستينات ابان العهد الذهبي بقيادة الرئيس فؤاد شهاب اي أنه منذ 65 عاما لم نعمل على اي اعاده هيكلة شاملة لذلك فاننا بعد هذا الوقت الطويل بحاجة لاعادة النظر بالهيكلة بالحوكمة بالوظائف والمهام التي يجب ان تكون موجودة وذلك قبل ان نعود لنملأ هذه الشواغر او هذه المراكز.
• تحديات الإدارة العامة
◄ ما خطة عملكم لمواجهة هذا الشغور والنهوض بالادارة العامة ؟
نحن نعمل وفق خطة مدروسة تنفذ على مراحل ابرزها تقييم وضع الادارات لمعرفة عدد الادارات وعدد المؤسسات وعدد الاشخاص والموارد البشرية وايضا لابد ان نجري دراسات مقارنة لنتمكن من القيام بالاعمال التفاضلية ومعرفة من قام بالفعل باعمال اصلاحية.
ثم تأتي المرحلة التالية عبر المسح الشامل لمختلف الوظائف لأنه لايمكن ملء الشواغر على الاسس القديمة والمسميات القديمة للوظائف والتوصيفات القديمة لم يعد هناك وظيفة اسمها طابع دكتيلو او مستكتب. هناك وظائف جديدة اوجدها العصر والتطور الرقمي وهناك وظائف لم يعد لها وجود. ولذلك نحن نعمل مشروعا بالغ الاهمية لمعالجة شبه الانهيار في مؤسسات الدولة وفق خطة 2030. وعندما اجرينا مسحا شاملا لمؤسسات الدولة وجدنا كمية كبيرة من التضارب في الصلاحيات والازدواجية وغياب الادوار بما فيها الرقابة الادارية.
توجد اربعة مستويات من الحوكمة اولها اجهزة تقوم بوضع السياسات والاستراتيجيات وثانيها المراقبة وهي مراقبة ما قبل منح التراخيص والاذونات للمشاريع ثم الرقابة ما بعد التشغيل مراقبة الاسواق مراقبة النوعية مراقبة الالتزام بالترخيص والتشغيل. وكيفما تأملنا في الادارة العامة لانجد هذه المستويات في الحكومة. لدينا 120 قطاعا في الادارة العامة قد نجد لدى بعضها مستوى واحدا من الحوكمة لكن لا نجد الحوكمة كاملة في اي قطاع.
انا اسعى واعمل لاعادة النظر بكل هذه القطاعات والحوكمة القطاعية لكي يتم تحديد الاجهزة التي يجب دمجها او يجب الغاؤها. وما الاجهزة والوزارات التي يجب استحداثها بما يواكب العصر والتطور. وعلى سبيل التنمية المحلية ملحقة بوزارة الداخلية في حين ربما نحتاج الى وزارة مستقلة للتنمية ويمكن نقيس على ذلك الكثير من الادارات.
• الشراكة مع القطاع الخاص
◄ هل تشمل خطة عملكم الشراكة مع القطاع الخاص في ادارات ومرافق الدولة ؟
أظن اهم شيء في هذه المرحلة ان تخرج الدولة من التشغيل وتجعلها فرصة للقطاع الخاص لأن القطاع الخاص في معظم الدول اثبت نجاحه في الادارة والتشغيل والانتاجية اكثر من الدولة. لكن الدولة تصبح مسؤوليتها ادارة الرقابة والاشراف والمتابعة للتشغيل. انا احتاج للقطاع الخاص والمجتمع المدني للمشاركة في التخطيط للنهوض بالادارة العامة عبر التحول الرقمي والشراكة مع القطاع الخاص وعبر تقوية الاجهزة الرقابية. وقد انشأنا لأول مرة منذ 23 سنة الهيئة الرقابية على الكهرباء وهذا نعتبره انجازا لأنه يطمئن المستثمر والمشغل في قطاع الكهرباء ان هناك هيئة رقابية ضامنة. حاليا قمنا بملء الشواغر في الهيئة الناظمة لقطاع النفط والغاز وقطاع الطيران المدني حيث استحدثنا هية ناظمة للطيران المدني وهيئة ناظمة لاستخدام القنب الهندي لدواعٍ طبية. وهذا يندرج ضمن الاسس الادارية الحديثة لتنظيم القطاعات. ونحن حاليا لانرمم الادارات العامة بل نعيد تكوين القطاعات على اسس حديثة.
• التحول الرقمي
◄ ما خطتكم للتحول الرقمي وملء الشغور في الوظائف ؟
اعتقد ان الشغور في الادارات فرصة ذهبية لاننا على عكس الدول التي واجهت الوهن في الادارات العامة. نحن لسنا بحاجة الى انهاء خدمات الالاف من الموظفين مما يسبب ازمة اجتماعية. وهذا الامر يسهل إعادة الادارة على اساس التحول الرقمي وفي ذلك نحقق ثلاثة امور بناء ادارة عصرية تسهل انجاز المعاملات حيث يتم الحصول على المعاملات بسهولة وبساطة وعندما يغيب الاحتكاك المباشر بين الموظف والمواطن يغيب الفساد. ولذلك نعمل حالياً على مشروع التحول الرقمي وبناء البنية التحتية اللازمة لإنشاء الدولة الرقمية وإعادة رقمنة الخدمات، بما يسمح بالاستفادة من خبرات القطاع الخاص وتمويله.
• معايير التوظيف
◄ لكن التوظيف في لبنان يقوم على تقاسم الحصص الطائفية كيف ستواجه هذا التحدي؟
استطيع الجزم بان عملية التوظيف لن تخضع للمحاصصة وقد خضت هذه التجربة في تعيين الفئة الاولى. فقد اخذت في الاعتبار المعيار الطائفي لجهة المناصفة بين المسلمين والمسيحيين. ولكن ضمن الحصص كانت الترشيحات على البوابة الالكترونية. ويتم اختيار الشخص المناسب وفقا لمؤهلاته العلمية وخبراته المهنية وليس بناء على توصية من هذا الطرف او ذاك. وقد قمنا بتعيين اكثر من 70 شخصا بدون اي مساومة على الكفاءة والمؤهلات. ونحن حاليا نسعى الى المداورة في الوظائف العليا بحيث لا تكون حكرا على طائفة واحدة.
• رقمنة الخدمات
◄ هل تحتاجون الى تشريعات جديدة في الادارة وما المدى المنظور للتطبيق ؟
لقد وضعنا خططنا وفقا لتشريعات جديدة. والمدى المنظور لتطبيق الخطوة خمس سنوات 25030. ونقوم بمراجعة آلية الخدمات التي تقدمها ادارات الدولة بمختلف القطاعات وتبين انه لدينا 2500 خدمة وفقا لكتالوج الخدمات ودرسنا متطلبات كل خدمة ووجدنا ان حوالي 70% من الخدمات ليس لها علاقة بالتحول الرقمي. ولدينا 30 % من الخدمات اما تحولت رقميا او اصبحت نصف الكترونية واكثرها ينقصها الدفع الالكتروني تستطيع ان تدخل الى الموقع وتنجز معاملتك لكن عندما تصل الى الدفع تضطر الى الذهاب الى اقرب مكان للدفع. ولذلك فان التحول الرقمي يتطلب تغيير مسار الخدمة بدلا من اربع خطوات يمكن الانجاز بخطوة او خطوتين ونحن نتطلع ان نقتبس التجربة القطرية التي نفذها ديوان الخدمة المدنية باعادة هيكلة الخدمة بنجاح. وقد استوقفني في ديوان الخدمة مختبر الابتكار. وقد حرصت على الاطلاع على عمل المختبر الذي خصص له الطابق الاول من ديوان الخدمة. وهذا المختبر لعب دورا مهما باعادة هيكلية الخدمات وجعلها اكثر انسيابية وسهولة وبعيدة عن البيروقراطية. هذه الطريقة الخلاقة في الخدمات نجحت فيها قطر بشكل مبهر. وقد قمت بتأسيس مختبر الابتكار في وزارة التنمية الادارية لاعادة النظر بالخدمات بالتنسيق مع المواطنين الذين يعلمون حاجاتهم وخبراء. وهذا المختبر سيكون اساسيا في عملنا وسيكون احد ابرز جوانب التعاون مع ديوان الخدمة المدنية في قطر وسوف يتم الاعلان عن اطلاق مختبر الابتكار والعلوم السلوكية في لبنان قريبا حيث سيتم افتتاحه من قبل رئيس الحكومة نواف سلام. وساهمت قطر بتقديم الخطة العملية لكيفية تشغيل مختبر الابتكار الحكومي.
• مواقف قطر لا تنسى
◄ كيف تنظر الى العلاقات بين قطر ولبنان؟
انا شهادتي مجروحة لأنني عشت في قطر فترة طويلة منذ عام 1998 وعايشت نهضة قطر بكل تفاصيلها حيث عملت مستشارا في وزارة المالية. ولكن بشكل عام العلاقات اللبنانية القطرية نموذج لعلاقات الاخوة والشراكة والصداقة. وكيفما قلبنا في المحطات اللبنانية ستجد قطر حاضرة وسباقة لدعم لبنان واستقراره وازدهاره. ولذلك قررنا في مجلس الوزراء اطلاق مسمى سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على مستشفى الكرينتينا الحكومي تقديرا لما تقوم به قطر لاجل لبنان. ولدينا الكثير من مجالات التعاون السياسي والامني والاقتصادي والطاقة والادارة والطيران والمرافىء. كما لا يمكننا ان ننسى دور قطر في دعم الجيش اللبناني والحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية من خلال الدعم المالي واللوجستي لكي يتمكن الجيش من القيام بمهامة. وكل الشكر والتقدير الى دولة قطر أميرا وحكومة وشعبا على كل ما قامت به وقدمته لاجل لبنان.
• لبنان في منتدى الدوحة
◄ كيف كانت مشاركة الوفد اللبناني في اعمال منتدى الدوحة ؟
شارك لبنان في منتدى الدوحة بوفد حكومي كبير برئاسة الدكتور نواف سلام رئيس الحكومة وعضوية نائبه الدكتور طارق متري ووزير الاعلام بول مرقص. وقد شارك الرئيس سلام بجلسة حوارية مهمة وطاولة مستديرة حول مستقبل لبنان. لقد كان لبنان حاضرا بقوة في جميع الجلسات والمناقشات التي تتناول قضايا المنطقة وخصوصا في مجالات السلام والحوكمة وإعادة الاعمار.
وأود ان انوه هنا بأهمية منتدى الدوحة الذي اصبح وجهة عالمية لمناقشة قضايا الإقليم والعالم في جلسات وهو أيضا منصة للحوار والتلاقي وتبادل الأفكار وهو أيضا للتعرف على الوساطات القطرية الناجحة واستعراض اخر ما توصلت اليه الدبلوماسية القطرية في جهود الوساطة التي تبذلها في اكثر من قضية ونزاع في المنطقة والعالم مع اعتراف دولي بأهمية دور الدبلوماسية القطرية.
• خطوات لترسيخ العدالة
◄ طرح المنتدى شعار ترسيخ العدالة، فهل تجد ان لبنان بحاجة الى ترسيخ العدالة؟
نحن احوج ما نكون الى ترسيخ العدالة ونسعى في الحكومة اللبنانية بخطوات ملموسة لتحقيق ترسيخ العدالة من خلال توفير كل مقومات وشروط قيام السلطة القضائية بواجباتها على اكمل وجه وبدون تدخلات سياسية في عملها خصوصا وان السلطة القضائية تتمتع باستقلالية تامة.
• لم نفقد الأمل
◄ هل هناك عمل على جدول زمني لانسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية ؟
الانسحاب الإسرائيلي من لبنان كان يجب ان يتم خلال 60 يوما من اتفاق وقف النار في نوفمبر 2024 لكن إسرائيل لم تلتزم ومضى عام وإسرائيل تتعنت. طبعا نحن لم نفقد الأمل ونسعى لكل الطرق الدبلوماسية وعبر المبعوثين والموفدين الذين يأتون الينا. وحاليا طورنا المسار بإضافة مدني في المفاوضات لإحداث اختراق بهذا المجال.
• التعاون مع الخدمة المدنية
◄ كان لكم زيارة الى ديوان الخدمة المدنية في الدوحة فهل عرضتم مشاريع تعاون ؟
تحدثت مع رئيس ديوان الخدمة بموضوع تدريب الكوادر سواء بالنسبة للموظفين القدامى او الموظفين الجدد فنحن نحتاج الى توظيف كوادر جديدة لضخ دماء جديدة في الادارات العامة لأنه يستحيل علينا تطبيق الاستراتيجيات الادارية الحديثة بدون توظيف في الموارد البشرية والقطاع الرقمي والتخطيط الاستراتيجي ومراقبة الاداء وهذه غير موجودة في الادارات اللبنانية.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
تم ادراج الخبر والعهده على المصدر، الرجاء الكتابة الينا لاي توضبح - برجاء اخبارنا بريديا عن خروقات لحقوق النشر للغير
أخبار متعلقة :